البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٥١
ويتساءلون أيضا!
لماذا كل هذا الحرص من الله - سبحانه وتعالى - على هذا الإنسان بالذات؟
فتعطل من أجله القوانين الطبيعية (1)، ويفعل المستحيل لإطالة عمره والاحتفاظ به لليوم الموعود، فهل عقمت البشرية عن إنتاج القادة الأكفاء؟ ولماذا لا يترك اليوم الموعود لقائد يولد (2) مع فجر ذلك اليوم، وينمو كما ينمو الناس، ويمارس دوره بالتدريج حتى يملأ الأرض قسطا وعدلا بعد أن ملئت ظلما وجورا؟
ويتساءلون أيضا!
إذا كان المهدي اسما لشخص محدد هو ابن الإمام الحادي عشر (3) من أئمة

(1) إن تعطيل القوانين الطبيعية قد حدث مرارا بالنسبة إلى معاجز الأنبياء (عليهم السلام)، وهذا أمر ضروري من الدين لا مجال لنكرانه فإذا أخبر بذلك من وجب تصديقه جاز بلا خلاف.
(2) هذا إشارة إلى عقيدة طوائف من إخواننا أهل السنة. راجع: التاج الجامع للأصول 5: 360 الهامش.
(3) هذا التساؤل أثير من قبل ويثار اليوم، بأساليب مختلفة، وكلها تستند إلى موهومات وافتراضات لا تقوم على أساس من العلم، بل هي مجرد تشكيكات، ومحاولات بائسة للفرار من أصل القضية ولوازمها الضرورية، فهي لا تعدو أن تكون أشبه بتشكيكات الماديين عندما جوبهوا بأدلة العقل والمنطق والعلم فيما يتعلق بالله تعالى، فلجأوا إلى تساؤلات ساذجة تحكي عدم إيمانهم بما قامت عليه الأدلة الوفيرة، نظير قولهم: لو كان موجودا فلماذا لا نراه؟ ولماذا لا يفعل كذا وكيت؟
وهكذا شأن هؤلاء، فعندما جوبهوا بالأدلة المنطقية والروايات المتواترة في مسألة المهدي المنتظر مما أطبق عليه الخاص والعام وبما لا يسع المرء إنكاره، لجأوا إلى التشكيك في أنه لم يعرف للحسن العسكري ولد، كما اخترعوا أمرا نسبوه زورا إلى الشيعة من أنهم يقفون على السرداب يوميا ينادون على إمامهم بالخروج، إلا أنهم اختلفوا في السرداب فقال قائل منهم: هو في سامراء، وذهب آخرون إلى أنه في النجف وثالث في مكان آخر وهكذا شأن المنكرين للضرورات تراهم يخبطون خبط عشواء. راجع: معالجتنا في المقدمة.
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»