البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٤٦
ليس المهدي تجسيدا لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوان لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهام فطري (1)، أدرك الناس من خلاله - على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب - أن للإنسانية يوما موعودا على الأرض، تحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير، وهدفها النهائي، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مر التاريخ استقرارها وطمأنينتها، بعد عناء طويل. بل لم يقتصر الشعور بهذا اليوم الغيبي والمستقبل المنتظر على المؤمنين دينيا بالغيب، بل امتد إلى غيرهم أيضا وانعكس حتى على أشد الإيديولوجيات والاتجاهات العقائدية رفضا للغيب والغيبيات، كالمادية الجدلية التي فسرت التاريخ على أساس التناقضات، وآمنت بيوم موعود (2)، تصفى

(1) إشارة إلى أن هذا ارتكاز في ضمير الإنسانية، واعتقاد سائد عند أغلب شعوب الأرض، إذ هناك شعور قوي يخالج وجدان الإنسان بظهور المنقذ عندما تتعقد الأمور، وتتعاظم المحنة، وتدلهم الخطوب، ويطبق الظلم، وهو ما تبشر به الأديان، ويحكيه تاريخ الحضارات الإنسانية. راجع: سيرة الأئمة الاثني عشر / هاشم معروف الحسني 2: 516 فيما نقله عن الكتب والمصادر، ومنها: نظرية الإمامة عند الشيعة / الدكتور أحمد محمود صبحي.
(2) إشارة إلى معتقد الماركسيين وأمانيهم باليوم الموعود حيث ستسود الشيوعية - كما يعتقدون - آخر الأمر ويتوقف الصراع المرير استنادا إلى نظريتهم الشهيرة في المادية التاريخية. راجع:
فلسفتنا / الشهيد الصدر (رضي الله عنه): ص 26 في عرض النظرية ومناقشتها.
(٤٦)
مفاتيح البحث: الظلم (1)، الشهادة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»