ليس المهدي تجسيدا لعقيدة إسلامية ذات طابع ديني فحسب، بل هو عنوان لطموح اتجهت إليه البشرية بمختلف أديانها ومذاهبها، وصياغة لإلهام فطري (1)، أدرك الناس من خلاله - على الرغم من تنوع عقائدهم ووسائلهم إلى الغيب - أن للإنسانية يوما موعودا على الأرض، تحقق فيه رسالات السماء بمغزاها الكبير، وهدفها النهائي، وتجد فيه المسيرة المكدودة للإنسان على مر التاريخ استقرارها وطمأنينتها، بعد عناء طويل. بل لم يقتصر الشعور بهذا اليوم الغيبي والمستقبل المنتظر على المؤمنين دينيا بالغيب، بل امتد إلى غيرهم أيضا وانعكس حتى على أشد الإيديولوجيات والاتجاهات العقائدية رفضا للغيب والغيبيات، كالمادية الجدلية التي فسرت التاريخ على أساس التناقضات، وآمنت بيوم موعود (2)، تصفى
(٤٦)