البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٥٠
مصدر عطاء وقوة بدرجة أكبر، إضافة إلى ما يجده أي إنسان رافض من سلوة وعزاء وتخفيف لما يقاسيه من آلام الظلم والحرمان، حين يحس أن إمامه وقائده يشاركه هذه الآلام ويتحسس بها فعلا بحكم كونه إنسانا معاصرا، يعيش معه وليس مجرد فكرة مستقبلية.
ولكن التجسيد المذكور أدى في نفس الوقت إلى مواقف سلبية تجاه فكرة المهدي نفسها (1) لدى عدد من الناس، الذين صعب عليهم أن يتصوروا ذلك ويفترضوه.
فهم يتساءلون!
إذا كان المهدي يعبر عن إنسان حي، عاصر كل هذه الأجيال المتعاقبة منذ أكثر من عشرة قرون، وسيظل يعاصر امتداداتها إلى أن يظهر على الساحة، فكيف تأتى لهذا الإنسان أن يعيش هذا العمر الطويل، وينجو من قوانين الطبيعة التي تفرض على كل إنسان أن يمر بمرحلة الشيخوخة والهرم، في وقت سابق على ذلك جدا، وتؤدي به تلك المرحلة طبيعيا إلى الموت؟ أوليس ذلك مستحيلا من الناحية الواقعية؟ (2)

(١) اختلفت الآراء وتباينت المواقف من مسألة المهدي المنتظر، تبعا لاختلاف المواقف من مسألة الغيب الديني والنصوص الدينية المشهورة والمتواترة، على أن هناك إطباقا بين علماء المسلمين والمحققين من أهل الحديث من السنة والشيعة على صحة العقيدة بالمهدي، وعدم جواز التشكيك بها حتى جاء في المأثور: " من أنكر المهدي فقد كفر... " وقد استوفى هذه المسألة بحثا الشيخ عبد المحسن عباد في محاضرته التي نشرتها مجلة الجامعة الإسلامية / العدد الثالث / ١٩٦٩ م.
وراجع: غاية المأمول شرح التاج الجامع للأصول للشيخ منصور علي ناصف ٥: ٣٤٣.
(٢) هذا تساؤل فريق من الناس، والواقع أنه يمكن تسجيل الملاحظة السريعة الآتية، وإن كان سيأتي جوابه تفصيلا:
أ - إنه ليس مستحيلا بالمعنى المنطقي، بل هو في دائرة الإمكان.
ب - إنه ليس مستحيلا عادة، لوقوع نظائر ذلك فعلا كما نص القرآن الكريم في مسألة نوح (عليه السلام) في قوله تعالى: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما) العنكبوت: 14.
(٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 ... » »»