أمام كل فرد مظلوم، وكل أمة مظلومة، في القدرة على تغيير الميزان وإعادة البناء.
وإذا كانت فكرة المهدي أقدم من الإسلام وأوسع منه، فإن معالمها التفصيلية التي حددها الإسلام جاءت أكثر إشباعا لكل الطموحات التي أنشدت إلى هذه الفكرة منذ فجر التاريخ الديني، وأغنى عطاء، وأقوى إثارة لأحاسيس المظلومين والمعذبين على مر التاريخ. وذلك لأن الإسلام حول الفكرة من غيب إلى واقع، ومن مستقبل إلى حاضر، ومن التطلع إلى منقذ تتمخض عنه الدنيا في المستقبل البعيد المجهول إلى الإيمان بوجود المنقذ فعلا، وتطلعه مع المتطلعين إلى اليوم الموعود، واكتمال كل الظروف التي تسمح له بممارسة دوره العظيم. فلم يعد المهدي فكرة ننتظر ولادتها، ونبوءة نتطلع إلى مصداقها، بل واقعا قائما ننتظر فاعليته، وإنسانا معينا يعيش بيننا بلحمه ودمه، نراه ويرانا، ويعيش مع آمالنا وآلامنا، ويشاركنا أحزاننا وأفراحنا، ويشهد كل ما تزخر به الساحة على وجه الأرض من عذاب المعذبين وبؤس البائسين وظلم الظالمين، ويكتوي بكل ذلك من قريب أو بعيد، وينتظر بلهفة اللحظة التي يتاح له فيها أن يمد يده إلى كل مظلوم، وكل محروم (1)، وكل بائس، ويقطع دابر الظالمين.
وقد قدر لهذا القائد المنتظر أن لا يعلن عن نفسه، ولا يكشف للآخرين