البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٤٠
وعدم جواز تكذيبه، إنما كان في مصداق القضية المتجسد في إنسان لا في أصل قضية المهدي، وهو مما احتاج إلى تقديم المبررات المنطقية والعلمية لقبوله.
خامسا: إن الذين أنكروا أو شككوا بالروايات الواردة في المهدي، وحاولوا تضعيفها ليسوا من أهل الفن والعلم بالرواية وبالأسانيد (1)، ولذلك فليس ما يدعو إلى إتعاب النفس معهم كثيرا، بل لا بد من الاتجاه إلى تثبيت العقيدة في نفوس المؤمنين وذلك (بعقلنتها) وتوظيفها لإصلاح شأنهم وشؤونهم. ولقد تعامل السيد الشهيد مع قضية المهدي على أنها تجربة أمة، وقضية أمة، وكحقيقة ثابتة تاريخية تعيشها الأمة شعورا وأملا وترقبا وانتظارا إيجابيا فاعلا ومؤثرا في حياتها وجهادها المستمر بلا هوادة في مواجهة الظلم والظالمين والطغاة والجبارين، هذا فضلا على أن العلماء المتقدمين والمتأخرين قد أشبعوا هذا الموضوع بحثا وتحقيقا وناقشوا مناقشات وافية شافية كل الطعون والأقوال والتضعيفات المزعومة، وقد أشرنا إلى ذلك آنفا.
سادسا: إن من التهافت، والخطل في الرأي بالنسبة إلى من يؤمن بموجب الخبر الصحيح، ويوجب تصديقه لمجرد وروده في البخاري حتى لو كان مصادما لبعض الحقائق الطبيعية أو منافيا للعقل أو للذوق إذ يوجب تأويله حينئذ (2)، حيث وردت مجموعة من الأحاديث والروايات مما يتنافى مع العقل والذوق في صحيح البخاري. ثم عندما تصل النوبة إلى مسألة (المهدي المنتظر) على تعدد طرقها، وصحة أسانيدها في السنن والمسانيد، وعلى شرط البخاري ومسلم، نراه يتوقف أو يتحفظ أو يتردد، وليس لديه حجة إلا أن المسألة - حسب تصوره

(١) راجع البحث السابق للشيخ العباد، ودفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي ١: ٢٠٥ - ٥٢٣.
(٢) راجع: تأويل مختلف الحديث لابن قتيبة: ص ٢٧٦، طبعة القاهرة ١٣٢٦ ه‍، أضواء على السنة المحمدية / الشيخ محمود أبو رية، دراسات في البخاري والكافي / هاشم معروف الحسني.
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»