البحث حول المهدي عجّل اللّه فرجه - السيد محمد باقر الصدر - ج ١ - الصفحة ٦٢
جاء العلم ليثبتها ويدعمها؟
فإذا كنا نؤمن بهذا كله، فلماذا نستكثر على مرسل هذه الرسالة - سبحانه وتعالى - أن يسبق العلم في تصميم عمر المهدي؟ (1) وأنا هنا لم أتكلم إلا عن مظاهر السبق التي نستطيع أن نحسها نحن بصورة مباشرة، ويمكن أن نضيف إلى ذلك مظاهر السبق التي تحدثنا بها رسالة السماء نفسها.
ومثال ذلك أنها تخبرنا بأن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، وهذا الإسراء (2) إذا أردنا أن نفهمه في إطار القوانين الطبيعية، فهو يعبر عن الاستفادة من القوانين الطبيعية بشكل لم يتح للعلم أن يحققه (3) إلا بعد مئات السنين، فنفس الخبرة الربانية التي أتاحت للرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) التحرك السريع قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلك، أتاحت لآخر خلفائه المنصوصين العمر المديد، قبل أن يتاح للعلم تحقيق ذلك.
نعم، هذا العمر المديد الذي منحه الله تعالى للمنقذ المنتظر يبدو غريبا في

(١) إشارة إلى أن هذا من قبيل الإعجاز أيضا، وهو إفاضة ربانية خاصة، وهذا أمر لا يسع المسلم إنكاره، بعد أن أخبرت بأمثاله الكتب السماوية، وبالأخص القرآن، كالذي ورد في شأن عمر النبي نوح (عليه السلام)، وكذا ما أخبر به القرآن من المغيبات الأخرى، على أن كثيرا من أهل السنة ومن المتصوفة وأهل العرفان يؤمنون بوقوع الكرامات وما يشبه المعجزات للأولياء والصلحاء والمقربين من حضرة المولى تعالى. راجع: التصوف والكرامات / الشيخ محمد جواد مغنية. وراجع: التاج الجامع للأصول ٥: ٢٢٨ / كتاب الزهد والرقائق - الذين تكلموا في المهد.
(2) إشارة إلى الآية المباركة: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى...) الإسراء: 1.
(3) إشارة إلى تصميم المركبات الفضائية، وركوب الفضاء والتوغل إلى مسافات بعيدة عن أرضنا، وقطعها في ساعات أو أيام معدودة، وقد أضحت هذه حقائق في حياتنا المعاصرة في أواخر القرن العشرين.
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»