والذنوب، وحذرها شيعتنا، فوالله ما هي إلى أحد أسرع منها إليكم، إن أحدكم لتصيبه المعرة من السلطان، وما ذاك إلا بذنوبه، وإنه ليصيبه السقم وما ذاك الا بذنوبه، وإنه ليحبس عنه الرزق وما هو إلا بذنوبه، وإنه ليشدد عليه عند الموت وما هو إلا بذنوبه، حتى يقول من حضر:
لقد غم بالموت.
فلما رأى ما قد دخلني، قال: أتدري لم ذاك يا مفضل؟ قلت: لا أدري جعلت فداك. قال:
ذاك والله أنكم لا تؤاخذون بها في الآخرة، وعجلت لكم في الدنيا (1).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام: توقوا الذنوب، فما من بلية، ولا نقص رزق، الا بذنب، حتى الخدش، والكبوة، والمصيبة، قال الله عز وجل: وما أصابكم من مصيبة، فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير (2).
وربما لبس الشيطان على بعض الأغراء، بأن الذنوب لو كانت ماحقة مدمرة، لأشقت المنهمكين عليها، السادرين في اقترافها، وهم رغم ذلك في أرغد عيش وأسعد حياة.
وخفي عليهم أن الله عز وجل لا يعجزه الدرك، ولا يخاف الفوت، وإنما يمهل العصاة، ويؤخر عقابهم، رعاية لمصالحهم، عسى أن يثوبوا إلى الطاعة والرشد، أو يمهلهم إشفاقا على الأبرياء والضعفاء ممن تضرهم