النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ٦٧
تكدني أكدك فكدني يا معاوية فيما بدأ لك فلعمري لقديما يكاد الصالحون وإني لأرجو أن لا تضر إلا نفسك ولا تمحق إلا عملك فكدني ما بدأ لك واتق الله يا معاوية واعلم أن لله كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها واعلم أن الله ليس بناس لك قتلك بالظنة وأخذك بالتهمة وإمارتك صبيا يشرب الشراب ويلعب بالكلاب ما أراك إلا وقد أوبقت نفسك وأهلكت دينك وأضعت الرعية والسلام.
قال فكتب سعيد بن العاص إلى معاوية أنه لم يبايعني أحد وإنما الناس تبع لهؤلاء النفر فلو بايعوك بايعك الناس جميعا ولم يتخلف عنك أحد وأرسل إليه جواباتهم فلما بلغ معاوية ذلك كتب إلى سعيد أن لا يحركهم حتى يقدم.
ثم قدم معاوية المدينة حاجا فلما أن دنا من المدينة خرج إليه الناس يتلقونه ما بين راكب وماش وخرج النساء والصبيان فلقبه الناس على حسب طبقاتهم فلان لكل من كافحه وفاوض العامة بمحادثته وتألفهم جهده مقاربة ومصانعة ليستميلهم إلى ما دخل فيه الناس حتى قال في بعض ما يجتلبهم به يا أهل المدينة ما زلت أطوي الحزن من وعثاء السفر بالحب لمطالعتكم حتى انطوى البعيد ولأن الخشن وحق لجار رسول الله أن يتاق إليه قال: حتى إذا كان بالجرف لقيه الحسين بن علي وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم فقال معاوية مرحبا بابن بنت رسول الله وابن صنو أبيه ثم انحرف إلى الناس فقال هذان شيخا بني عبد مناف وأقبل عليهما بوجهه وحديثه فرحب وقرب وجعل يواجه هذا مرة ويضاحك هذا أخرى حتى ورد المدينة وأقبل ومعه خلق كثير من أهل الشام حتى أتى عائشة رضي الله عنها فاستأذن فأذنت له وحده لم يدخل عليها معه أحد وعندها مولاها ذكوان فوقظته وحرضته على الاقتداء بأبي بكر وعمر وعنفته على قتل حجر بن عدي وأصحابه ثم مضى حتى
(٦٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 ... » »»