قتل عثمان فأستقدمه حينئذ معاوية فعاد إلى الشام بالجيش الذي كان معه فكان في الظاهر نصرة لعثمان ببعث الجيش وهو في الحقيقة خذلان له لحبسه الجيش كي يقتل عثمان فيدعو إلى نفسه كما وقع بالفعل.
وأخرج ابن عساكر عن الفضل بن سويد قال وفد جارية بن قدامة على معاوية فقال له معاوية أنت الساعي مع علي بن أبي طالب والموقد النار في شيعتك تجوس قرى عربية تسفك دماءهم. قال جارية يا معاوية دع عنك عليا فما أبغضنا عليا منذ أحببناه ولا غششناه منذ نصحناه. قال ويحك يا جارية ما كان أهونك على أهلك إذ سموك جارية قال أنت يا معاوية أهون على أهلك إذ سموك معاوية. قال لا أم لك. قال أم ما ولدتني إن قوالم السيوف التي لقيناك بها بصفين في أيدينا قال إنك لتهددني قال إنك لم تملكنا قسرة ولم تفتحنا عنوة ولكن أعطيتنا عهودا ومواثيق فإن وفيت لنا وفينا وإن ترغب إلى غير ذلك فقد تركنا وراءنا رجالا مدادا وأدرعا شدادا والسنة حدادا فإن بسطت إلينا فترا من غدر دلفنا إليك بباع من ختر قال:
معاوية لا نثر الله في الناس أمثالك وأخرج أيضا عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أنه دخل على معاوية فقال له معاوية ألست من قتلة عثمان قال لا ولكني ممن حضره ولم ينصره قال وما منعك من نصره قال لم ينصره المهاجرون والأنصار فقال معاوية أما لقد كان حقه واجبا عليهم أن ينصروه قال: فما منعك يا أمير المؤمنين من نصره ومعك أهل الشام فقال معاوية أما طلبي بدمه نصرة له فضحك أبو الطفيل ثم قال أنت وعثمان كما قال الشاعر:
لا ألفينك بعد الموت تندبني * وفي حياتي ما زودتني زادي انتهى من تاريخ الخلفاء للسيوطي.
وقد شافه شبث بن ربعي معاوية في صفين بما بين به حقيقة أمره ويحمله على التوبة لو وجد أذنا واعية إذ قال له: يا معاوية إنه والله لا يخفى علينا