لا يخوضون في هذه المسألة إلا في مجالسهم الخاصة بهم ولقد ذاكرت منهم رجالا كثيرة من فضلاء من أدركناهم وتوفاهم الله إليه ومن الموجودين الآن فيما يقول الأشاعرة والماتريدية في هذه المسائل وكلهم يرفضه ويأباه ويشير إلى السكوت إن خيفت فتنة ولو كنت استأذنتهم لذكرت أسماءهم واحدا فواحدا فليس بيني وبينهم خلاف في العقيدة ولا افتراق في الطريقة وإنما أسروا وأعلنت وأجملوا وبينت وأشاروا وأوضحوا وعرضوا وصرخت:
وما أنا إلا من غزية إن غوت * غويت وإن ترشد غزية ارشد (1) وعلى التنزيل والقول بأن الكثير منهم سكتوا عن ذكر موبقات معاوية وسيئاته فذلك إما لعذر ما أو لكونهم لم يسألوا عن ذلك ولم يناقشوا فيه ومع هذا فلا ينسب لساكت قول وقد سكتوا رضي الله عنهم أيضا عن أمور كثيرة لقيام غيرهم بها كالرد على الخوارج والمعطلة والجهمية وغلاة الرافضة بل وسكتوا عن رد مفتريات اليهود والنصارى والدهرية وأعداء الإسلام أفيكون سكوتهم عن جميع ذلك تقريرا لهم ورضى بتلك البدع والمفتريات ونكون حينئذ ملزومين أن نسكت عنها كما سكتوا لا والله إنهم أنفسهم