النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ١٣
الطائفتين الكبيرتين من المسلمين أهل السنة والشيعة حول أصحاب النبي صلى الله عليه وآله واستطاعت العقيدة والسياسة أن يلعبا دورا مهما في هذا النزاع الحاد بين الطائفتين واستمر النزاع يشق طريقه بين الحديد والنار إلى الأجيال يستمد قوته من العقيدة لاغيا كل اعتبار من الاعتبارات الأخرى وحال دون التعاون بين المسلمين وتأخر الإسلام بسبب هذا الصراع حتى أوشك النزاع أن يقضي عليه.
أجل، انقسم المسلمون إلى قسمين: قسم ألبس صحابة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ثوبا من القداسة الغير المحدودة بحد ولا يمكن أن تتناولها يد، ولا يمكن للعقول أن تحوم حولها في لحظة من اللحظات ولا في حال من الأحوال وهؤلاء اعتبروا أن الصحبة لا يمكن أن تنتج إلا ما يصح أن يكون، وهي وحدها كافية لتبديل آثار البيئة والوراثة وهي قادرة على تحول النفوس الشريرة إلى نفوس صالحة فحكموا على جميعهم بالطهر والقداسة!.
وقسم من المسلمين لم يعتبر الصحبة إلا شرفا يغبط عليه الصحابي فقط وأما القداسة والطهر فأمران خارجان عن الصحبة ومرجعهما واقع الأمر في كل صحابي فمن عمل منهم صالحا واتقى الله سبحانه حق تقاته وعمل بأوامر الله ورسوله ولم يقترف إثما من قتل وظلم واعتداء فذلك هو الصحابي الواجب علينا تقديسه وإكباره وأما من اقترف شيئا من إثم فليست الصحبة حارسة له وهو كغيره من المسلمين الذين يلقون آثاما.
وعند هذا القسم من المسلمين الصحبة وتقوى الله يتعاونان على قداسة الصحابي وطهره. وإذن لا بد لهذا القسم أن يأخذ الغربال فيغربل ويأخذ مبضعة الطبيب فيشرح. وهكذا فعل هذا القسم، غربل بأنصاف ما وسعه أن يغربل ولم يبال بصيحات المرجفين. وليس من موضوعنا أن نتحدث هنا
(١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 10 11 12 13 14 15 17 19 20 ... » »»