أبيهم، والجيش اليماني منكسا سلاحه، وجاءت برقيات التعزية لنجله السيد علي من الإمام يحيى وولي العهد سيف الإسلام أحمد بن يحيى وأخيه سيف الإسلام محمد، وأقفلت المحاكم في اليمن ثلاثة أيام حدادا عليه.
أحواله اعتنى والده بتعليمه، وأحضر إلى المسيلة من يعلمه من علماء حضرموت، فقرأ القرآن في بضعة شهور، وتعلم الخط، وقرأ النحو وبعض متون الفقه وبعض دواوين الشعر، وجل مقامات الحريري، وكانت قراءته على والده وعمه محمد بن عبد الله، وعلى السيد أبي بكر بن شهاب وغيرهم، وكانت مخايل النجابة وجودة الفهم بادية عليه من صغره، وبما أن والده كان يحرضه على الاستقلال في الفهم وعدم اتباع كل ما هو محرر إلا بعد فهمه وفحصه تربت فيه ملكة الاستقلال من صغره، وكانت لأسلافه مكتبة عظيمة تحوي نفائس الكتب المطبوعة والمخطوطة ولها فهرس عمله هو، فطالع أكثر ما حوته بإمعان.
توفي والده وهو في الخامسة عشرة من عمره، فقام مقام والده في رئاسة عائلته على صغر سنه، وقام بمهام تلك الرئاسة أحسن قيام.
ثم رحل من بلاد حضرموت إلى سنغافورة وجاوة (1) وعمره 17 سنة لإفادة أهلها، فنجحت مساعيه وتكللت أعماله بالفوز حتى أصبح مضرب الأمثال، فكثر حساده وتضافرت على مقاومته أضداده، فأظفره الله عليهم وعادوا بالخيبة والخذلان، ووصل إلى سنغافورة سنة 1296 ه واشتغل بالتجارة ليكون مستغنيا عن الناس، فنجح في تجارته وحافظ على أوقاته، فعمل جدولا قسم فيه أوقاته على أعماله وراحته، وجعل حصته للمطالعة لا تقل عن ثلاث ساعات على الدوام، وكلما وجد سعة في الوقت جعلها للمطالعة وكان يقول: " مواقيتك يواقيتك، فحافظ عليها " وكان يقول: