فقال معاوية ما أرى بمثل هذا بأسا فقال أبو الدرداء من يعذرني من معاوية أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وآله ويخبرني عن رأيه لا أساكنك بأرض أنت بها ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب فذكر له ذلك فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية ابن لا يبيع مثل ذلك إلا مثلا بمثل وزنا بوزن.
قال الملا علي القاري في شرح الموطأ رواية الإمام محمد عند قوله ما نرى به بأسا هوما صدر عنه عن تكبر وعناد أو عن اجتهاد وقد أخطأ فيه لكن كان يجب عليه حينئذ أن يرحع بعد سماع الحديث لا سيما وهو موثوق به بلا خلاف (انتهى) (قلت) كيف يسوغ الاجتهاد بعد سماع النص الصريح الصحيح فلم يكن قوله ذلك إلا عنادا وتكبرا وإعجابا برأيه (1) والله أعلم.
وذكر ابن عبد البر في قول أبي الدرداء لا أساكنك بأرض أنت بها كان ذلك منه أنفة أن يرد عليه سنة علمها من سنن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم برأيه وصدور العلماء تضيق عند مشاهدة مثل ذلك وهو عندهم عظيم (قلت) قد ذكر أهل الحديث أن هذه القصة محفوظة لمعاوية مع عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال الزرقاني والإسناد صحيح وإن لم يرو من وجه آخر فهو من الأفراد الصحيحة قال أبو عمرو الطرق متواترة بذلك عنهما وقد رواهما النسائي قال والجمع ممكن: بأنه عرض له ذلك مع عبادة وأبي الدرداء (قلت) وسياق الحديثين يدل على التعدد فإنهم قالوا في حديث عبادة بن الصامت أنه غزا مع معاوية أرض الروم فنظر إلى الناس وهم يتبايعون كسر الذهب بالدنانير وكسر الفضة بالدراهم فقال يا أيها الناس إنكم تأكلون الربا سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لا تبتاعوا الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل لا زيادة بينهما ولا نظرة فقال له معاوية يا أبا الوليد لا أرى الربا