النصائح الكافية - محمد بن عقيل - الصفحة ١١٦
بدنيا غيره. فهل للمغرورين المقلدين أن يرجعوا إلى الحق وينصروه فإنه خير لهم من الإصرار على الباطل وأولى بهم من المكابرة فإن تولوا فاعلم إنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم.
(قلت) إن مما يفضي بالمؤمن إلى العجب ويذهب بالحكيم إلى الاستغراب هو محاولة معاوية وتطلبه من المؤمنين عامة أن يلعنوا ويسبوا عليا عليه السلام وبلوغه الجهد الجهيد في ذلك على علمه أن الله سبحانه وتعالى إنما شرع له الاستغفار والحب من المؤمنين عامة حيث يقول جل وعلا: والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان " وعلي عليه السلام أول السابقين إلى الإيمان فالاستغفار له من عموم المؤمنين هو اللازم كما في القرآن لا السب واللعن كما يرغب ابن أبي سفيان.
على أنه قد ضل بهذه البدعة الشنيعة التي أنبتها معاوية بل أنبت بها النفاق في القلوب خلق كثير وأصيب بدائها جم غفير فصارت منكرا مألوفا وعادة معتادة حتى أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله نودي من جوانب المسجد يوم تركها من الخطبة السنة السنة يا أمير المؤمنين تركت السنة وحتى أجمع أهل حمص في زمن ما على أن الجمعة لا تصح بغير لعن أبي تراب عليه السلام ولم يكن هذا الدعاء العضال والمنكر المألوف والسنة السيئة الذي أسسه ذلك الطاغية واتبعه فيه فراعنة بني أمية مقصورا على ذوي الشوكة وعامة الناس فقط بل سرى سمه إلى كثير ممن يترسم بالعلم والدين وجرهم إلى الانحراف عن علي وأهل بيته عليهم السلام ومن تظاهر بشئ من ذلك الانحراف قيل فيه أنه صاحب سنة ومن أعل حديثا من أحاديث فضلهم أو راويا من رواته أو دعى ولو بلا بينة ضعف الحديث أو وضعه قيل إنه من انصر الناس للسنة.
لقد رابني من عامر أن عامرا بعين الرضى يرنو إلى من جفانيا
(١١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 ... » »»