الأولاد والعيال لم يشغلها شيء عن الوقوف بكل ما أوتيت من قوة في خدمة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فبالغت بالاهتمام بأكله وشربه ولباسه وتدهينه وتطييبه وترجيل شعره، حتى كانت تقدمه على أولادها، وكان رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يزورها ويقيل عندها في بيتها ويناديها: «أمي».
وكانت هي أول امرأة هاجرت في محبة فاطمة الزهراء إلى المدينة، وكانت لها كالأم.
قال علي بن الحسين المسعودي طاب ثراه: «وهي أول امرأة هاجرت من مكة إلى المدينة ماشية حافية، وكانت صالحة، وكان أبو طالب قام بنصرة رسول الله ولا يفارقه ويحبه حبا شديدا، ويقدمه على أولاده، ولا ينام إلا وهو إلى جانبه، ويقول له: إنك مبارك النقيبة، ميمون الطلعة، وقد كان أكبر العرب ممن بقي أو دثر يقر بالصانع ويستدل على الخالق» وهذا هو معنى «المرأة على دين بعلها».
فلا يخفى أن خديجة بنت خويلد وآمنة بنت وهب وفاطمة بنت أسد وحليمة السعدية وأمثالهن كن على الحنيفية منذ الولادة إلى البعثة، بل إن بعضهن لم يكن إيمانهن مسبوقا بالكفر، حيث اختار الله عدة من النساء وأعدهن للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) للمضاجعة والحمل والولادة والحضانة والكفالة والإرضاع، وكان لهن قابلية فطرية ومؤهلات كافية لاستقبال أنواع الفيض والرحمة والمواهب المفاضة من الله لحفظ ذاك الوجود السعيد بهذه الوسائل، فرحم الله نبيه بما آتاهن، وكان لكل واحدة منهن من المشاهدات والمكاشفات المشروحة في كتب السيرة.
كل ذلك من فضل الله سبحانه، وتفضيل النسوان بعضهن على بعض كتفضيل الرجال بعضهم على بعض، وليس في ذلك حزازة، ولا ينبغي التردد فيه،