ومما ذكر في تأويل «قاب قوسين» وبطونه: أن القوسين هما قوس النبوة وقوس الولاية، المتقارنان المتقابلان في الوجه، المتطابقان المتوافقان في الحقيقة وفي عالم الملكوت; فالنبوة وجه الولاية، والولاية تأكيد للصورة والوجه، كما ورد في غزوة أحد حيث جرح سيد الكائنات وتخضب وجهه المنور وفر المنافقون نحو المدينة وثبت سلطان الولاية لوحده يدافع عن المولى ويذب عن الأذى، فنزل جبرئيل (عليه السلام) وقال: يا رسول الله! قل:
«ناد عليا مظهر العجائب * تجده عونا لك في النوائب * كل هم وغم سينجلي * بولايتك يا علي يا علي يا علي».
وقال أهل التفسير الظاهري: أن قاب قوسين يقال لمقدار رمية سهمين، وفي الأخبار المعراجية: إن من عادة العرب إذا أرادوا الإعلان عن السلم والمودة بين قبيلتين، أخذ اثنان من رؤسائها قوسين ووضعا في كبديهما سهمين، ثم يرميان يمينا وشمالا، فيتم الإعلان بذلك عن انتهاء البغضاء وإقامة المحبة والوتام بينهما.
وذكر وجه آخر في معنى «قاب قوسين» وهو ارتباط وجود الحق بالصادر الأول وأول ما خلق من الوجود الإمكاني، والرابطة اللازمة بين واجب الوجود وممكن الوجود هي رابطة القرب المعنوي أو أدنى فناء ممكن الوجود في إشراقات وجود حضرة واجب الوجود، ويدل عليه حديث «لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل» (1)، وحديث: «لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل...
الخ»، وحديث «إن لنا مع الله حالات نحن هو وهو نحن مع ذلك نحن نحن وهو هو».