أيتكن صاحبة الجمل الأدبب، تنبحها كلاب الحوأب، فتكون ناكبة عن الصراط» فرفعت يدي من الحيس فقلت: أعوذ بالله ورسوله من ذلك، ثم ضرب على ظهرك وقال: إياك أن تكونيها، ثم قال: يا بنت أبي أمية إياك أن تكونيها، ثم قال: «يا حميراء! أما إني فقد أنذرتك».
قالت عائشة: نعم أذكر هذا.
قالت: وأذكرك أيضا: كنت أنا وأنت مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في سفر له، وكان علي يتعاهد نعلي رسول الله فيخصفهما، ويتعاهد أثوابه فيغسلها، فنقبت له نعل فأخذها يومئذ يخصفها في ظل سمرة، وجاء أبوك ومعه عمر فاستأذنا عليه، فقمنا إلى الحجاب، ودخلا فحادثاه فيما أرادا، ثم قالا: يا رسول الله! إنا لا ندري قد ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من تستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعا، فقال لهما: أما إني قد أرى مكانه، ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرقت بنو إسرائيل عن هارون بن عمران، فسكتا ثم خرجا - وفي رواية قال: ما خليفتي فيكم إلا خاصف النعل - فلما خرجنا إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قلت له وكنت أجرأ عليه منا: من كنت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) مستخلفا عليهم؟ فقال: خاصف النعل، فنظرنا فلم نر أحدا إلا عليا، فقلت: يا رسول الله ما أرى إلا عليا! فقال: هو ذاك.
فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك.
وقد كان عبد الله بن الزبير واقفا على الباب يسمع كلامها، فناداها: يا أم سلمة! قد علمنا بغضك لآل الزبير، وما كنت محبة لنا ولا تحبينا أبدا.
فقالت أم سلمة: أتريد أن تخرج على خليفة رسول الله ومن علم المهاجرون والأنصار أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ولاه أمر هذه الأمة؟
فقال: ما سمعنا ذلك من رسول الله!!