فقالت: إن كنت لم تسمع فقد سمعته خالتك هذه، فاسألها تحدثك، وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول لعلي بن أبي طالب: أنت خليفتي في حياتي وبعد موتي، من عصاك فقد عصاني، أهكذا يا عائشة؟
فقالت: نعم سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأشهد بها.
فقالت أم سلمة: فاتقي الله يا عائشة، واحذري ما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد قال لك: لا تكوني صاحبة كلاب الحوأب، ولا يغرنك الزبير وطلحة فإنهما لا يغنيان عنك من الله شيئا.
ثم قالت لها ناصحة: يا هذه! إنك سدة بين محمد رسول الله وبين أمته، وحجابك مضروب على حرمته، قد جمع القرآن ذيلك، فلا تبدحيه، وسكن عقيراك فلا تصحريها، الله من وراء هذه الأمة، لو أراد رسول الله أن يعهد إليك عهدا لفعل، بل قد نهاك عن الفرطة في البلاد، إن عمود الإسلام لا يثاب بالنساء إن مال، ولا يرأب بهن إن صدع، حماديات النساء غض الأطراف، وخفر الأعراض، وقصر الوهازة، وما كنت قائلة لو أن رسول الله عارضك في بعض الفلوات ناصة قلوصا يقودك من منهل إلى منهل آخر، إن بعين الله مهواك، وعلى رسوله تردين، وقد وجهت سداقته وتركت عهيداه لو صرت مسيرك هذا، ثم قيل لي ادخلي الفردوس لاستحييت أن ألقى محمدا هاتكة حجابه قد ضربه علي أجلي، فبابك بيتك، ورباعة الستر قبرك، حتى تلقيه وأنت على تلك أطوع ما تكونين إليه ما ألزمته، وأنصر ما تكونين للدين ما جلست عنه، لو ذكرتك قولا تعرفينه لنهشت نهش الرقشاء المطرقة.
فلما كان من ندمها أخذت أم سلمة تقول:
لو كان معتصما من زلة أحد * كانت بعايشة العتبى على الناس