الثالثة: إحاطة الإيمان بتمام أعضاء بدنها الشريف من أصول العظام وغيرها بنحو الهاجم والتراكم، بحيث تمر من القلب والجوارح وتترسخ في عظام بدنها وتنفذ فيها، عكس باقي النساء حيث قيل في حقهن: «إنهن نواقص العقول» (1).
وببيان آخر: قلنا أن علامة الإيمان في المؤمن اقترانه بالعمل، وقد عبر الحديث بقوله: «العمل بالأركان» ولهذه العظام العظيمة مدخلية في التذلل والعبادة وإطاعة الرب، خصوصا في أداء الفرائض والأعمال البدنية الأخرى. وقد أدت فاطمة الزهراء (عليها السلام) حق كل عضو من أعضاءها بنحو الكمال، خلافا لأهل المعصية الذين يمكنهم أن يقولوا «إلهي عصيتك بجميع جوارحي التي أنعمت بها علي» (2).
وكانت تلك المخدرة مستغرقة في الطاعات والتوجه إلى الحضرة الإلهية، لا تفرغ جوارحها من العبادة كما قال علي بن الحسين (عليهما السلام): «شهد بها شعري وبشري ومخي وعظامي ولحمي...» (3) ولذا كانت تزداد في كمالاتها الإيمانية آنا بعد آن، وزمانا بعد زمان، فإذا صار العبد كذلك وارتبط بمولاه الحقيقي ارتباطا معنويا واتصل به اتصالا روحانيا، صدق حينئذ في حقه الحديث القدسي: «إذا تقرب عبدي إلي بالنوافل، أحببته فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها...» (4).
فنقول: إن الإيمان الكامل للفرد يتحقق بالإتيان بتمام ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الدين الخالص، والكامل في هذا الإيمان الخالص ينال مقام حق اليقين،