النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الجنة، وخديجة بنت خويلد زوجة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في الدنيا والآخرة، وفاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)» (١).
ونحن نعلم أن الجنة خاصة بأهل الإيمان، وأنها لا تشتاق إلا الكمل من المؤمنين، فينتج من هذا الحديث النبوي (صلى الله عليه وآله وسلم) الشريف أن آسية كانت ذات إيمان كامل، وسيأتي قوله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لقد كمل من الرجال كثير وما كمل من النساء إلا أربعة».
ويمكن أن يقال: إن تلك المكرمة المحترمة انتقلت من مرتبة «علم اليقين» إلى مرتبة «عين اليقين» فأكملت إيمانها هنا، ثم انتقلت إلى عالم الشهود وسارت في هذا المقام إلى منتهاه، ويكفيها فخرا أنها كانت سباقة إلى التوحيد في مدة مديدة من زمان موسى (عليه السلام)، حيث وحدت الخلاق ولا موحد غيرها في الرجال والنساء، والأعجب من ذلك كتمانها إيمانها عن فرعون، حتى اقتضت الحكمة كشف الحجاب ورفع النقاب وإفشاء السر المكنون. فدعيت - عند ذلك - إلى العالم الأعلى بدعوة ﴿إن إلى ربك الرجعي﴾ (2).
أما المرتبة الأخيرة فهي عالم حق اليقين، وهو بحر لا ينزف، وعالم مجهول لا يعرف، وهو معنى الفناء في الله، الخاص بالصديقة الكبرى فاطمة الزهراء سلام الله عليها، وهو مقام لم يحصل، ولن يحصل لسواها من النساء، وعلامة هذا المقام المنيع والقدر الرفيع إعراضها عن الدنيا والعقبى، وتوجهها التام إلى ساحة حضرة العلي الأعلى. ولو أنعمنا النظر بعين البصيرة لانكشف لنا حقيقة هذا المعنى من قوله