الموهوبة، وعلومها المبذولة، وطهارتها الذاتية، وسيادتها على رجال العالم ونساء العالمين، وقد روي بطرق معتبرة توسل الأنبياء العظام والملائكة الكرام بذيل عناياتها، وإن لم تدخل دائرة الإمامة والرئاسة العامة، وكلف بها أبناؤها بلحاظ الذكورة، إلا أنها كانت أما للأئمة العظام ووعاء للمعصومين الكرام، وقد أدركت الصحبة، ولازمت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المدينة ومكة، ونشأت في ظله، وعاشت في حماه وسمعت الوحي، وفي ذلك كله من الفضل والشرف ما اختصت به دون الآخرين.
فضلا عن ارتوائها من حقيقة الولاية، وما حازته جراء صبرها على المحن والصعاب في وقوفها إلى جانب أبيها وبعلها.
«وإني أقول: إن كل شجرة ومدرة على وجه الأرض بذكر مناقبها ناطقة.
وأيم الله; إنها الطاهرة المطهرة، والصديقة الصادقة، وإنها أجل من أن تحيط بها الأفكار، وتصل إليها الأنظار، وقد ملئت من مفاخرها المشهورة صحائف الإمكان، وزينت من مآثرها المشكورة أوراق كتب الإيجاد، من الكمالات النفسانية والملكات العقلانية. وإن فضائلها المروية يرويها الجميع كابرا عن كابر، وفواضلها الرحمانية يهديها الأول إلى الآخر; فلها العز الأعلى عند أهل الآخرة والأولى، لعلم الله تعالى من شرف محلها وعلو قدرها قضى ما قضى، وقدر ما قدر، مما لا تناله العقول والفكر، ولها كرائم ليست لأحد من النسوة، وشرائف قد اكتنفتها قبل الفطرة، فحازت قصبات السبق، واستولت على عرائش الفضل، فاختارها الله تعالى من الأنبياء والمرسلين، وجعلها ولية الله وآيته الكبرى على العالمين، فعجز الخائضون في كنه معرفتها، وأبعد الناس كلهم عن أقطارها وإدراك مقدارها، وإنها نور على نور من ربها، وزاد على طيب فرعها طيب أصلها».