القرار إلى دار البوار، فلقد توسلا بفاطمة (عليها السلام) وتشبثا بأذيالها فعادا إلى منزلتهما الأولى السامية، واستجيبت دعوتهما وقبلت توبتهما.
ولئن أخذ الله هابيل من آدم (عليه السلام) وعوضه عنه بشيث، هبة الله، الأب الثاني للأنبياء والمرسلين والأولياء الكاملين، وكان شيث أفضل من هابيل وكان نبيا، وبه يفتخر آدم يوم القيامة، أراد الله أن يكون امتداد ذرية آدم (عليه السلام) منه، فإن الله أخذ إبراهيم من مارية القبطية وفدا به الحسين (عليه السلام) - وهو أفضل من إبراهيم - فجعله الأب الثاني للأئمة البررة، وأخرج منه النسل الكثير لآل الرسالة، وبه يفتخر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة، وهو من مواهب الله على هذه الأمة، وبناء على الرواية المعتبرة فإن الله أبقى سيد المظلومين ليخرج منه الذرية الطيبة ويطيب خاطر فاطمة الزكية (عليها السلام) علاوة على ما كان من قبول شهادته ليكون منجي العصاة ومنقذهم.
ولئن بكى آدم (عليه السلام) أكثر من مائة عام على ما صدر منه من ترك الأولى، أو على الإبتعاد من الجنة، أو على فراق حواء، حتى ارتوت من دموع عينيه الطيور، وحارت في أمره الوحوش، ورقت له; فإن الصديقة الطاهرة أيضا بكت من خوف الله، وفراق خاتم الأنبياء، وضلال هذه الأمة، وظليمة بعلها، حتى عدت في الأنبياء العظام البكائين. وكانت تبكي من خوف الله وفراق سيد الأبرار قبل وبعد وفاة أبيها (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى فزع وجزع سكان المدينة، بل سكان السماوات والأرض، وحديث البكائين الخمسة معتبر ومشهور في كتب المناقب والمصائب.
ولئن كان آدم (عليه السلام) يدعو الله ليعود إلى المكانة الأولى والمنزلة المسلوبة، ويسأل ربه الجنة، فقد سألت فاطمة (عليها السلام) ربها رضاه - وسيأتي الحديث الوارد في