ففاطمة الزهراء (عليها السلام) كانت جامعة وبرزخ بين النبوة والولاية، تنتسب من العلو إلى خاتم النبوة ومن دون ذلك إلى مرتبة الولاية، وقد احتضنت في كنف العصمة أحد عشر كوكبا من أولادها المعصومين، وغذتهم بثدي الرحمة وشرفت الجميع بشرف ذاتها المقدسة، وشهد الله - بأنهم يفتخرون بهذه النسبة في الدنيا والآخرة، فكما يفخر عيسى (عليه السلام) أنه ابن مريم، يفخر ذوو الذوات المقدسة أنهم من بطن الطهارة ورحم العصمة لفاطمة المعصومة المطهرة، مع ما لهم من شرف الإنتساب إلى الأبوة العلوية المرتضوية العالية. وأعظم ما في هذه النسبة من شرف اتصال الخطوط الوجودية لهذه الذوات المقدسة بواسطة فاطمة الزهراء أمهم بالوجود المبارك للعقل الأول وأول الموجودات، سيد الكائنات وسيد الأوصياء صلوات الله عليهما.
لذا قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): «لكل بني أنثى عصبة ينتمون، إليه إلا ولد فاطمة فأنا وليهم وأنا عصبتهم وأنا أبوهم» (1).
وهذه من الخصائص الفاطمية والمزايا النبوية، وسيأتي شرح الحديث في باب العترة الزكية إن شاء الله تعالى.
ولذا كان أمير المؤمنين (عليه السلام) - وهو أعظم الأولياء الكاملين والنفس المقدسة لحضرة خاتم المرسلين وسلطان العالمين - يباهي ويفتخر بزواجه بفاطمة الزكية، وقد حرم الله عليه الزواج بغيرها ما دامت حية، وجعلها كفوا لا كفو لها إلا علي، فيكفي في جلالة قدر فاطمة أنها كفو أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأن النساء حرمت عليه مع وجودها. ويكفي في جلالة قدر علي أن تكون كفوه امرأة كفاطمة في فخامة النسب