وعربيهم وعجميهم من آدم، وإن آدم خلقه الله من طين، وإن أحب الناس إلى الله أطوعهم له وأتقاهم، وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلا إلا لمن كان أتقى لله منك وأطوع. ثم قال له: انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد فإنه من أشرف بني بياضة حسبا فيهم، فقل له: إني رسول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إليك، وهو يقول لك: زوج جويبرا بنتك الدلفاء، فانطلق جويبر برسالة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده فاستأذن... وبلغ الرسالة واثقا مطمئنا، فقال له زياد: إنا لا نزوج فتياتنا إلا أكفاءنا فانصرف يا جويبر...
فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها، فأرسلت إلى أبيها: أدخل إلي فدخل إليها فقالت له: ما هذا الكلام الذي سمعته منك تحاور به جويبر؟... والله ما كان جويبر ليكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحضرته، فابعث الآن رسولا يرد عليك جويبرا; فبعث زياد رسولا فلحق جويبرا فقال له زياد: يا جويبر! مرحبا بك اطمئن حتى أعود إليك، ثم انطلق زياد إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)... وسأله عن رسالة جويبر فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا زياد! جويبر مؤمن، والمؤمن كفو المؤمنة، والمسلم كفو المسلمة; فزوجه يا زياد ولا ترغب عنه... فرجع زياد إلى منزله...
فأخذ بيد جويبر ثم أخرجه إلى قومه فزوجه على سنة الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وضمن صداقه...» (1).
والحديث طويل وفيه ما يثلج الصدر ويدخل السرور على القلب، ولكني اضطررت إلى اختصاره.