وما أكثر ما رواه العامة عن عائشة في فضل فاطمة الزهراء (عليها السلام)، مع ذلك نرى أن أمير المؤمنين (عليه السلام) وفاطمة الزهراء (عليها السلام) ينسبون كل ظلم وجور إليها، ويبثون ما لديهم من شكوى مما لقوه منها.
والحق كما قرره أبو يعقوب ولا شئ سواه: فقد أسسوا أساس العناد والعداوة وزرعوا جذور الحسد وإثارة الفتنة.
وهكذا كان طموح الآمال البعيدة، والتخطيط للرئاسة، وحب الزعامة، وطلب الخلافة، وانتهاز الفرص، والعمل من أجل تحقيق المصالح وجلب المنافع، كلها مجموعة في آل أبي قحافة.
لقد اختصت هذه الأسرة، شجرة وثمرة، أحدهما من الداخل والأخرى من الخارج، فقلبوا هذا الأمر ظاهرا وباطنا، كما قال أمير المؤمنين في ما بثه من شكواه إلى ربه «اللهم إني أستعديك من قريش، لأنهم قطعوا رحمي وأكفؤا إنائي» (1).
وقد اضطرت عائشة إلى الإقرار بفضائل فاطمة (عليها السلام) وعدم كتمانها; فلا محيص لها من إظهارها ونشرها لأن نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الأخريات يروين ما يرين ويسمعن، فكيف تكتم ما ينشره غيرها؟! ثم إنها تحاول أن تبدو في أعين الناس أنها وأباها محايدان، ثم إنها تحاول مجاملة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم); لأنها تعلم أنه يسر بما يسمع منها في حق فاطمة (عليها السلام); لذا تجد أغلب هذه الأخبار صادرة عنها على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم شاء الله أن يتم حجته على الخلق، حيث أجرى الحق على لسان عدو كهذا العدو، حيث كانوا يرون ويسمعون ولا يعون.