قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قل: «إن النبي لنور يستضاء به».
وقيل إن كعبا قال: «مهند من سيوف الهند مسلول» فقال له النبي (صلى الله عليه وآله وسلم):
«من سيوف الله مسلول».
والسيف الهندواني أفضل السيوف بترا وقطعا ولمعانا وبريقا، فإن صح ذلك فهو أفضل مما قاله كعب وأكثر معنوية، فالسيف مشتق من «ساف» بمعنى الهلاك، يقال: ساف ماله أي هلك، والسيف سبب الهلاك، فكأنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إني لم آت للهلاك، ولست من أهل الغضب والقهر، بل بعثت رحمة وهدى كباقي الأنبياء، فهم أيضا أنوار إلهية مضيئة.
وقيل: التعبير بالسيف إستعارة، ووصفه بالمهند لبريقه ولمعانه النافع في الإستضائة والهداية بنور الحق، فإن كان كذلك، فالتعبير ب «النور» أقوى وأجلى، وإذا قيل: أن البيت يجمع الغضب والرحمة بتقدير ضمير محذوف، فيكون «هو المهند من سيوف الله» كان أملح، ولكن الحذف خلاف الأصل كما قيل.
وإني لم أجد خلال بحثي في شروح القصيدة وترجمتها تغيرا في المصرع الأول بالنحو المشهور، وإنما وجدته في المصرع الثاني، والإستضائة بالنور أولى من الإستضائة بالسيف، ثم إن استعمال «سيف الله» في النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله وسلم) غير شائع، بل المعروف أن «سيف الله المسلول» من الألقاب الشريفة لسلطان الأولياء صلوات الله عليه، وسبب تلقيبه بذلك معلوم.
* * * وعلى أية حال فنورانية الزهراء (عليها السلام) كانت بأنحاء متعددة، فهي لأهل السماوات بنحو، ولأهل الأرض بنحو يختلف باختلاف الأوقات، ولأمير المؤمنين (عليه السلام) بنحو آخر.