قال تعالى: ﴿قد أفلح من زكاها﴾ (١) أي تزكية النفس.
ولكن التزكية على قسمين:
الأول: من جانب الحق تعالى.
والثاني: من جانب الخلق.
أما الأول: فهو هبة وقذف وخلق وفطرة ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها﴾ (2) وهو معنى الطاهر.
وأما الثاني: فهو سعي واجتهاد وكسب، أي أن الملكة الإلهية والقوة العقلية تتغلب مع وجود الملكات المتضادة والقوى الأخرى المنازعة - فتقهر القوى بالأعمال الصالحة والأفعال القوية القاهرة، فهو تصد لتنمية قوى الخير وتقويتها بالمثابرة والاجتهاد.
قال علماء الأخلاق: إن النفس تحتاج إلى التزكية من الأهواء الفاسدة والميولات الكاسدة كما تحتاج الأرض المزروعة إلى التطهير من الحشائش والأوغال لتصفو التربة للبذرة، وكما تحتاج الحنطة إلى التصفية والغربلة لتنقى من القش.
والتزكية بمعنى إظهار الأفعال الصالحة، والإقبال على الطاعات المفروضة لا تنافي الطهارة الأصلية، بل هي ثمرة لذلك، أي أن كل من جاء بالطهارة الذاتية لا بد أن يكون موصوفا بالتزكية ولا بد أن تظهر منه هذه الآثار.
والفرق الآخر بين الطاهرة والزكية: أن العصمة الكبرى ولدت طاهرة من