ولها، فدعواها حق وقولها الصدق، ولكنهم ما تبعوا تصديقهم القولي بالعمل، فكذبت أفعالهم أقوالهم وناقضوا أنفسهم، وستحاجهم وتخاصمهم وتتظلم إلى الله، فينصرها الله المنتقم نصرا عزيزا ويجازيهم بما كسبوا.
قال الطبرسي (رحمه الله) في مجمع البيان في ذيل الآية المذكورة ﴿ومن يطع الله ورسوله... الخ﴾ (١) الصديق المداوم على التصديق - أي دائم الصدق - بما يوجبه الحق. وقيل: الصديق الذي عادته الصدق، وهذا البناء يكون لمن غلب على عادته فعل، يقال لملازم الشرب شريب (ولملازم الشكر شكير) وقيل في معنى الصديق:
إنه المصدق بكل ما أمر الله به وأنبيائه، لا يدخله في ذلك شك، ويؤيده (٢) قوله:
﴿والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون﴾ (3).
وسيأتي في غسل فاطمة الزهراء (عليها السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: «والصديقة لا يغسلها إلا صديق» (4).
وبناء على ما مر، فقد اتفق المخالف والمؤالف على أن فاطمة الزهراء هي الصديقة الكبرى قولا وقلبا وفعلا، لم تكذب قط كذبة واحدة، وكانت تفعل ما تقول، ولم تتخلف قط في أداء أي تكليف أو امتثال أي أمر، وكان لها في ذلك صدق نية وعزم وثبات ومداومة ومراقبة تامة.
قال أهل التحقيق: إن التصديق يلازمه التبعية في الأقوال والأفعال، كما صنع يحيى (عليه السلام) حين صدق بنبوة عيسى (عليه السلام) وتابعه متابعة كاملة من المهد إلى اللحد.