السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٤٤٣
إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير أي على غاية من السكون والوقار لأن الطير لا تكاد تقع إلا على ساكن وإذا تكلم عنده أحد أنصتوا له حتى يفرغ من حديثه أي لا يقطع بعضهم على بعض حديثه يضحك مما يضحكون ويعجب مما يعجبون فقد ذكر أن أبا بكر رضي الله عنه خرج تاجرا إلى بصرى ومعه نعيمان بن عمرو الأنصاري وسويط بن حرملة وكلاهما بدري وكان سويط على زاد أبي بكر فجاءه نعيمان وقال له اطعمني فقال لا حتى يأتي أبو بكر وكان نعيمان رجلا مضحاكا مزاحا فيه دعابة وله أخبار ظريفة في دعابته فقال لسويط لأغيظنك فذهب إلى ناس وفي رواية فمروا بقوم فقال لهم نعيمان تشترون مني عبدا لي قالوا نعم قال إنه عبد له كلام وهو قائل لكم لست بعبده أنا رجل حر فإن كان إذا قال لكم هذه تركتموه فلا تشتروه ولا تفسدوا علي عبدي قالوا لا بل نشتريه ولا ننظر في قوله فاشتروه منه بعشرة قلائص فاقبل بها يسوقها وأقبل بالقوم حتى عقلها ثم قال دونكم هو هذا فجاء القوم له وقالوا له قد اشتريناك فقال هو كاذب أنا رجل حر وفي رواية أنهم وضعوا عمامته في عنقه وذهبوا به ولم يسمعوا كلامه فجاء أبو بكر رضي الله عنه فأخبره خبره فذهب هو وأصحابه واتبعوا القوم وأخبروهم أنه يمزح وردوا عليهم القلائص وردوا سليطا منهم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حولا كاملا لأن سفر أبي بكر رضي الله عنه كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بعام ووقع لنعيمان هذا أنه مر بمخرمة بن نوفل رضي الله عنه وقد كف بصره وهو يقول الا رجل يقودني حتى أبول فأخذ بيده نعيمان فلما بلغ مؤخر المسجد قال له ههنا فبال فصاح الناس به فقال من قادني قيل نعيمان فقال لله علي أن أضربه بعصاي هذه فبلغ نعيمان فأتاه فقال له هل لك في نعيمان قال نعم قال فقم فقام معه فأتى به عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو إذ ذاك أمير المؤمنين وهو يصلي فقال دونك الرجل فجمع يديه في العصا ثم ضربه فقال الناس أمير المؤمنين فقال من قادني فقيل نعيمان قال لا أعود إلى نعيان أبدا
(٤٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 438 439 440 441 442 443 444 445 446 447 448 ... » »»