السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٤٤٧
ومن تأمل سيرته صلى الله عليه وسلم مع أهله وأصحابه وغيرهم من الفقراء والأيتام والأرامل والضعفاء والمساكين علم أنه صلى الله عليه وسلم بلغ الغاية في التواضع ورقة القلب ولين الجانب وعن أنس رضي الله عنه أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة يوما فقلت والله لا أذهب وفي نفسي أني أذهب فخرجت على صبيان يلعبون في السوق وإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض ثيابي من ورائي فنظرت إليه صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فقال يا أنيس اذهب حيث أمرتك فقلت نعم أنا أذهب يا رسول الله ا ه وكان صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقا وأرجح الناس حلما وأعظم الناس عفوا وأسخى الناس كفا وكان صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة وقال صلى الله عليه وسلم يوما لأصحابه وقد اضطروه إلى شجرة فخطفت رداؤه الشريف فوقف ثم قال أعطوني ردائي لو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم وفي رواية لو أن لي مثل جبال تهامة ذهبا لقسمته بينكم ثم لا تجدوني كذوبا ولا بخيلا ولا جبانا كما تقدم وكان صلى الله عليه وسلم أشجع الناس قلبا وأشد الناس حياء وكان أشد حياء من البنت البكر في خدرها أي بيتها وسترها وكان إذا فرح غض طرفه وإذا أخذه العطاس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفص صوته وربما غطى وجهه بيده أو ثوبه وكان يحب الفأل الحسن ويغير الاسم القبيح بالحسن كما تقدم وربما غير الحسن القبيح كما تقدم وكان يقول لأصحابه إذا أرسلتم لي رسولا فليكن حسن الاسم حسن الوجه من ذلك أن شخصا كان سادنا أي خادما لصنم وكان يسمى غاوي بن ظالم فبينما هو عند صنمه إذ أقبل ثعلبان إلى الصنم ورفع كل واحدة منهما رجله وبال على رأس ذلك الصنم فلما رآى ذلك كسر ذلك الصنم وأنشد * أرب يبول الثعلبان برأسه * لقد ذل من بالت عليه الثعالب *
(٤٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 442 443 444 445 446 447 448 449 450 451 452 ... » »»