السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٣
ويدعها حتى نقول لا يصليها وهذا يدل بظاهره ويقتضي عدم الوجوب إذ لو كانت واجبة في حقه صلى الله عليه وسلم لكان مداومته عليها أشهر من أن تخفي هذا كلامه وفيه أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى الضحى يوم الفتح في بيت أم هاني واظب عليها إلى أن مات وأنه صلى الله عليه وسلم ثمان ركعات وجاء في حديث مرسل كان صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين وأربعا وستا وثمانيا وهل المراد بالوتر أقله أو أكثره أو ادني كماله والسواك قال في الامتاع وهل هو بالنسبة إلى الصلاة المفروضة أو في كل الأحوال المؤكدة في حقنا أو فميا هو أعم من ذلك وغسل الجمعة والأضحية واستدل بوجوبهما بقوله تعالى * (إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي) * إلى قوله * (وبذلك أمرت) * قال في الإمتاع والامر على الوجوب هذا كلامه وفيه نظر لأن أمر للوجوب والندب والذي للوجوب إنما هو صيغة أفعل قال في الإمتاع إن الآمدي وابن الحاجب رحمهما الله عدا ركعتي الفجر من خصائصه صلى الله عليه وسلم ولا سلف لها في ذلك إلا حديث ضعيف عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما واعترض كون الوتر واجبا عليه صلى الله عليه وسلم بأنه صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين صلاه على البعير إذ لو كان واجبا لما صلاه على الراحلة وأجاب النووي رحمه الله بأن جواز هذا الواجب على الراحلة من خصائصه صلى الله عليه وسلم وأجاب القرافي المالكي رحمه الله بأن الوتر لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وسلم إلا في الحضر ووافقه على ذلك من أئمتنا الحليمي والعز ابن عبد السلام والعقيقة وأنه صلى الله عليه وسلم يجب عليه أن يؤدي فرض الصلاة كاملة لا خلل فيها وانه يجب عليه صلى الله عليه وسلم أن يصلي في كل يوم وليلة خمسين صلاة على وفق ما كان في ليلة الاسراء كذا في الخصائص الصغرة للسيوطي والمشاورة في أمر الدين والدنيا لذوي الأحلام من الأمور الاجتهادية وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما ما رأيت أحدا أكثر مشورة لأصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لما نزلت هذه الآية * (وشاورهم في الأمر) * قال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله ورسوله غنيان عنها ولكن جعلها الله رحمة في أمتي فمن شاور
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»