السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٣ - الصفحة ٣٧٠
صلى الله عليه وسلم أتحبين أن ترجعي إلى الدنيا فقالت لا والله يا رسول الله إني وجدت الله خيرا لي من أبوي ووجدت الآخرة خيرا من الدنيا ومنها إبراء الأبرض فقد روى أن امرأة معاوية بن عفراء كان بها برص فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه بعصا فأذهبه الله ومنها إبراء الرئة واللقوة والقرحة والسلعة والحرارة والدبيلة والاستسقاء فإن ابن ملاعب الأسنة أصابه استسقاء فبعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة حثوة من الأرض فتفل عليها ثم أعطاها رسوله فأخذها متعجبا يرى أنه قد هزىء به فأتاه بها وهو على شفا فشربها فشفاه الله وقد أشار إلى ذلك صاحب الهمزية بقولة * ويكف من تربة الأرض داوى * من تشكى من مؤلم استسقاء * ومنها أن أخت إسحاق الغنوي هاجرت من مكة تريد المدينة هي وأخوها إسحاق المذكور حتى إذا كانت في بعض الطريق قال لها أخوها اجلسي حتى أرجع إلى مكة فأخذ نفقة أنسيتها قالت له إني أخشى عليك الفاسق أن يقتلك تعنى زوجها فذهب أخوها إلى مكة وتركها فمر عليها راكب جاء من مكة فقال لها ما يقعدك ههنا قالت انتظر أخي قال لا أخ لك قد قتله زوجك بعد ما خرج من مكة قالت فقمت وأنا استرجع وأبكي حتى دخلت المدينة فدخلت على رسول اله صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ في بيت حفصة فأخبرته الخبر فأخذ ملء كفه ماء فضربني به فمن يومئذ لم ينزل من عيني دمعة وكانت تصيبني المصائب العظام غايته أن ينفر الدمع على مقلتي ولا يسيل على وجنتي ومنها إبراء الجراحة كما تقدم ومنها ابراء الكسر فقد مسح صلى الله عليه وسلم على رجل ابن عتيك رضي الله تعالى عنه وقد انكسرت فكأنها لم تكسر قط كما تقدم ومنها إبراء الجنون أي ومنها أن امرأة جاءته صلى الله عليه وسلم بابن لها لا يتكلم وقد بلغ أوان الكلام فأتى بماء فمضمض وغسل يديه ثم أعطاها صلى الله عليه وسلم إياه وأمرها أن تسقيه وتمسه به ففعلت ذلك فبرئ وعقل عقلا يفضل عقول الناس ومنا أن بعض الصحابة ثبتت في كفه سلعة تمنعه القبض على السيف وعنان الدابة فشكا ذلك له صلى الله عليه وسلم فما زال صلى الله عليه وسلم يطحنها بكفه الشريفة حتى زالت ولم يبق لها اثر
(٣٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 365 366 367 368 369 370 371 372 373 374 375 ... » »»