السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٧٢٥
حرموها على أنفسهم وامتنعوا من شربها ولا زالت حلالا للناس حتى نزل قوله تعالى * (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس) * فعند ذلك اجتنبها قوم لوجود الإثم وتعاطاها أخرون لوجود النفع أي وكانوا ربما شربوها وصلوا فلما نزل قوله تعالى * (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) * امتنع من كان يشربها لأجل النفع من شربها في أوقات الصلاة ورجع قوم منهم عن شربها حتى في غير أوقات الصلاة وقالوا لا خير في شيء يحول بيننا وبين الصلاة وسبب نزول هذه الآية ما جاء عن علي كرم الله وجهه قال صنع لنا عبد الرحمن ابن عوف طعاما أي وشرابا من الخمر فأكلنا وشربنا فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة أي الجهرية وقدموني فقرأت * (قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون) * ونحن نبعد ما تعبدون إلى أن قلت وليس لي دين وليس لكم دين ثم نزلت الآية الأخرى الدالة على تحريمها مطلقا وهي * (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) * إلى قوله * (فهل أنتم منتهون) * أي ولعل هذه الآية الأخيرة هي التي عناها أنس رضي الله عنه بقوله كما في البخاري كنت ساقي القوم الخمر بمنزل أبي طلحة أي وهو زوج أمه رضي الله عنهم ونزل تحريم الخمر فمر مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت فقال أبو طلحة اخرج فانظر ما هذا الصوت قال فخرجت فقلت هذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت فقال لي اذهب فأهرقها فقال بعض القوم قتل قوم أي في أحد وهي في بطونهم وفي رواية قالوا يا رسول الله كيف بمن مات من أصحابنا وكان شربها فأنزل الله تعالى * (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) * أي لأن ذلك كان قبل تحريمها مطلقا وقد جئ لعمر رضي الله عنه بشخص من المهاجرين الأولين قد سكر فأراد عمر جلده فاستدل على عمر بهذه الآية فقال عمر لمن حضره ألا تردون عليه فقال ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية نزلت عذرا للماضين وحجة على الباقين ثم استشار عمر رضي الله عنه عليا كرم الله وجهه فأشار عليه أن يجلده ثمانين جلدة ولعل هذا الشخص هو قدامة بن مظعون وتقدمت قصته في بدر وتقدم في ذلك أن الذي رد عليه بذلك عمر لا ابن عباس رضي الله عنهم كذا وقع لأبي جندل رضي الله عنه مثل ذلك وأنه اشفق أي خاف من ذلك فلما بلغ عمر رضي الله عنه كتب اليه
(٧٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 720 721 722 723 724 725 726 727 728 729 730 ... » »»