السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٨
انتزع يده من يد الرجل ثم نكص على عقبه وتبعه جنده فقال له الرجل يا سراقة أتزعم انك لنا جار فقال إني برئ منكم اني أرى ما لا ترون اني أخاف الله والله شديد العقاب وتشبث به الحارث بن هشام رضى الله تعالى عنه فإنه اسلم بعد ذلك وقال له والله لا أرى الا خفافيش يثرب فضربه إبليس في صدره فسقط وعند ذلك قال أبو جهل يا معشر الناس لا يهمنكم خذلان سراقة فإنه كان على ميعاد من محمد ولا يهمنكم قتل عتبة وشيبة أي والوليد فإنهم قد عجلوا واللات والعزى لا نرجع حتى نقرن محمدا وأصحابه بالجبال وصار يقول لا تقتلوهم خذوهم باليد وذكر السهيلي انه يروى ان من بقي من قريش وهرب إلى مكة وجد سراقة بمكة فقالوا له يا سراقة خرقت الصف وأوقعت فينا الهزيمة فقال والله ما علمت بشئ من امركم وما شهدت وما علمت فما صدقوه حتى اسلموا وسمعوا ما انزل الله فعلموا انه إبليس هذا كلامه قال قتادة صدق إبليس في قوله اني أرى مالا ترون وكذب في قوله اني أخاف الله والله ما به مخافة من الله قال في ينبوع الحياة ولا يعجبني هذا فان إبليس عارف بالله ومن عرف الله خافه أي وان لم يكن إبليس خافه حق الخوف قيل وانما خاف ان يكون هذا اليوم هو اليوم الموعود الذي قال فيه سبحانه وتعالى * (يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين) * ورأيت عن سيدي على الخواص انه لا يلزم من قول إبليس ذلك ان يكون معتقدا له بالباطن كما هو شان المنافقين ورأيت عن وهب أن اليوم المعلوم الذي انظر فيه إبليس هو يوم بدر قتلته الملائكة في ذلك اليوم والمشهور انه منظر إلى يوم القيامة ويدل لذلك ما روى أن إبليس لما ضرب الحارث في صدره لم يزل ذاهبا حتى سقط في البحر ورفع يديه وقال يا رب موعدك الذي وعدتني اللهم إني أسألك نظرتك إياي وخاف ان يخلص اليه القتل هذا وفي زوائد الجامع الصغير عن مسلم ان سيدنا عيسى عليه السلام يقتل إبليس بيده بعد نزوله وفراغه من صلاته ويرى المسلمين دمه في حربته وفي كلام بعضهم ولعل المراد بيوم القيامة الذي انظر اليه إبليس ليس نفخة البعث
(٤٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 403 404 405 406 407 408 409 410 411 412 413 ... » »»