وقاتل في ذلك اليوم معبد بن وهب زوج هريرة بنت زمعة أخت سودة بنت زمعة أم المؤمنين رضى الله تعالى عنها بسيفين ثم اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حفنة من الحصباء بالمد امره بذلك جبريل عليه الصلاة والسلام كما جاء في بعض الروايات أي قال خذ قبضة من تراب وارمهم بها فتناولها صلى الله عليه وسلم وفي رواية أنه قال لعلي كرم الله وجهه ناولني فاستقبل بها قريشا ثم قال شاهت الوجوه أي قبحت الوجوه أي وزاد بعضهم اللهم ارعب قلوبهم وزلزل اقدامهم ثم نفخهم أي ضربهم بها فلم يبق من المشركين رجل الا ملأت عينه وفي رواية وانفه وفمه لا يدري اين يتوجه يعالج التراب لينزعه من عينيه أي فانهزموا وردفهم المسلمون يقتلون ويأسرون هذا والمحفوظ المشهور أن تلك إنما كان في حنين لكن يوافق الأول ما نقله بعضهم أن قوله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * نزل يوم بدر هكذا قال عروة وعكرمة ومجاهد وقتادة قال هذا البعض وقد فعل عليه الصلاة والسلام مثل ذلك في غزوة أحد هذا كلامه وفي رواية انه صلى الله عليه وسلم اخذ ثلاث حصيات فرمى بحصاة في ميمنة القوم وحصاة في ميسرة القوم وحصاة بين أيديهم فقال شاهت الوجوه فانهزم القوم وهذه الحصيات الثلاث قال جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما وقعن من السماء يوم بدر كأنهن وقعن في طست فأخذهن رسول اله صلى الله عليه وسلم فرمى بهن في وجوه المشركين أي يمنة ويسرة وبين أيديهم وحين رمى صلى الله عليه وسلم بذلك قال لأصحابه شدوا فكانت الهزيمة وانزل الله تعالى * (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) * وقد يقال لا مانع من اجتماع الامرين وكل منهما مراد من الآية قال وقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بنفسه قتالا شديدا وكذلك أبو بكر رضى الله تعالى عنه كما كانا في العريش يجاهدان بالدعاء قاتلا بأبدانهما جمعا بين المقامين انتهى أقول كذا نقل بعضهم عن الأموي ويتأمل ذلك فاني لم أقف عليه في كلام أحد غيره وكان قائل ذلك فهم مباشرته صلى الله عليه وسلم للقتال مما تقدم عن علي رضى الله تعالى عنه لما كان يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أشد الناس بأسا ولا دلالة في ذلك والله أعلم
(٤١٢)