وقد كان حارثة سال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يدعو له بالشهادة فقد جاء انه صلى الله عليه وسلم قال لحارثة يوما وقد استقبله كيف أصبحت يا حارثة قال أصبحت مؤمنا بالله حقا قال انظر ما تقول فان لكل قول حقيقة قال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلى وأظمأت نهاري فكأني بعرش ربى بارزا وكأني انظر إلى أهل الجنة يتزاورون فيها وكأني انظر إلى أهل النار يتعاوون فيها قال أبصرت فالزم عبد أي أنت عبد بذر الله الايمان في قلبه قال فقلت ادع الله لي بالشهادة فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك وقال أبو جهل وأصحابه حين قتل عتبة وشيبة والوليد تصبرا لنا لعزى ولا عزى لكم ونادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم الله مولانا ولا مولى لكم قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار أقول سيأتي وقوع مثل ما قال أبو جهل وأصحابه من أبي سفيان وانه أجيب بمثل هذا الجواب في يوم وأحد والله أعلم وصار رسول الله صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ما وعده من النصر أي وهذا العريش هو المراد بالقبة في قول البخاري عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو في قبة يوم بدر اللهم أنشدك عهدك الحديث ويقول اللهم ان تهلك هذه العصابة اليوم فلا تعبد أي وفي مسلم انه صلى الله عليه وسلم قال اللهم انك ان تشأ لا تعبد في الأرض قال ذلك في هذا اليوم وفي يوم أحد قال العلماء فيه التسليم لقدر الله تعالى والرد على غلاة القدرية الذين يزعمون أن الشر غير مراد لله ولا مقدور له وذكر الامام النوي ان كونه قال ما ذكر يوم بدر هو المشهور وفي كتب التفسير والمغازي انه يوم أحد ولا معارضة بينهما فقاله في اليومين هذا كلامه أي يجوز ان يكون قال ذلك في يوم بدر وفي يوم أحد وفي رواية اللهم ان ظهروا على هذه العصابة ظهر الشرك ولا يقوم لك دين أي لأنه صلى الله عليه وسلم علم أنه اخر النبيين فإذا هلك هو ومن معه لا يبقى من يتعبد بهذه الشريعة وفي لفظ اخر اللهم لا تودع مني ولا تخذلني أنشدك ما وعدتني لأنه كان وعده النصر وفي رواية ما زال يدعو ربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبه فاخذ أبو بكر رداءه وألقاه على منكبه ثم التزمه من ورائه وقال يا نبي الله كفاك تناشدك ربك فإنه سينجز
(٤٠٥)