السيرة الحلبية - الحلبي - ج ٢ - الصفحة ٤٠٣
ففي أبي داود ان رجلا من الأنصار كان فيه مزاح فبينما هو يحدث القوم يضحكهم إذ طعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم في خاصرته بعود كان في يده وفي لفظ بعرجون وفي اخر بعصا فقال اصبرني يا رسول الله أي اقدني ومكني من نفسك لاقتص منك فقال اصبر أي اقتص قال إن عليك قميصا وليس على قميص فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فاحتضنه وجعل يقبل كشحه أي ومن خصائصه صلى الله عليه وسلم انه ما التصق ببدنه مسلم وتمسه النار كذا في الخصائص الصغرى وفيها في محل اخر ولا تأكل النار شيئا مس جسده وكذلك الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ثم لما عدل الصفوف قال لهم ان دنا القوم منكم فانصحوهم أي ادفعوهم عنكم بالنبل واستبقوا نبلكم أي لا ترموهم على بعد فان الرمي مع البعد غالبا يخطئ فيضيع النبل بلا فائدة أي وقال لهم لا تسلوا السيوف حتى يغشوكم وخطبهم خطبة حثهم فيها على الجهاد وعلى المصابرة فيه منها وان الصبر في مواطن البأس مما يفرج الله عز وجل به الهم وينجى به من الغم وهذا السياق يدل على تكرر هذه الخطبة أي وقوعها قبل مجيئهم إلى محل القتال وبعد مجيئهم اليه ولا مانع منه ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى العريش فدخله ومعه أبو بكر ليس معه فيه غيره وسعد بن معاذ قائم على باب العريش متوشح بسيفه مع نفر من الأنصار يخافون على رسول الله صلى الله عليه وسلم كرة العدو أي والجنائب مهيأة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان احتاج إليها ركبها ولما اصطف الناس للقتال رمى قطبه بن عامر حجرا بين الصفين وقال لا افر الا ان فر هذا الحجر وكان أول من خرج من المسلمين مهجع بكسر الميم واسكان الهاء فجيم مفتوحة فعين مهملة مولى عمر بن الخطاب فقتله عامر ابن الحضرمي بسهم ارسله اليه ونقل بعض المشايخ انه أول من يدعى من شهداء هذه الأمة وانه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ مهجع سيد الشهداء أي من هذه الأمة فلا ينافي ما جاء ان سيد الشهداء يوم القيامة يحيى بن زكريا وقائدهم إلى الجنة وذابح الموت يوم القيامة يضجعه ويذبحه بشفرة في يده والناس ينظرون إليه لكن جاء سيد الشهداء هابيل الا ان تجعل الأولية إضافية فيراد أول أولاد آدم لصلبه قيل وكون مهجع أول قتيل من المسلمين لا ينافي كون أول قتيل من المسلمين عمير بن
(٤٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 408 ... » »»