الحمام لان ذاك أول قتيل من المهاجرين وعمير أول قتيل من الأنصار ولا ينافي ذلك ان أول قتيل من الأنصار حارثة بن قيس أي قتل بسهم لم يدر راميه ففي البخاري عن حميد قال سمعت انسا يقول أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام قتل بارسال سهم اليه أي فإنه اصابه سهم غرب أي لا يعرف راميه وهو يشرب من الحوض وفي كلام ابن إسحاق أول من قتل من المسلمين مهجع مولى عمر بن الخطاب ومن بعده حارثة بن سراقة وقد جاءت أم حارثة وهي عمة انس بن مالك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله حدثني عن حارثة فان يكن في الجنة لم ابك عليه ولكن احزن وان يكن في النار بكيت ما عشت في دار الدنيا وفي رواية ان يكن في الجنة صبرت وان يكن غير ذلك اجتهدت عليه في البكاء فقال يا أم حارثة انها ليست بجنة ولكنها جنات وحارثة في الفردوس الاعلى فرجعت وهي تضحك وتقول بخ بخ لك يا حارثة وهذا قد يخالف قول ابن القيم كالزمخشري ان الجنة التي هي دار الثواب واحدة بالذات كثيرة بالأسماء والصفات وهذا الاسم الذي هو الجنة يجمعها من أسمائها جنة عدن والفردوس والمأوى ودار السلام ودار الخلد ودار المقامة ودار النعيم ومقعد صدق وغير ذلك مما يزيد على عشرين اسما أي وعن الواقدي انه بلغ أمه وأخته وهما بالمدينة مقتله فقالت أمه والله لا ابكى عليه حتى يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأساله فإن كان في الجنة لم ابك عليه وفي رواية اصبر واحتسب وان كان ابني في النار بكيته وفي رواية ترى ما اصنع فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدر جاءت أمه فقالت يا رسول الله قد عرفت موقع حارثة من قلبي فأردت ان أبكي عليه ثم قلت لا افعل حتى اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كان في الجنة لم ابك عليه وان كان في النار بكيته فقال النبي صلى الله عليه وسلم هبلت وفي رواية ويحك أو هبلت اجنة واحدة انها جنان كثيرة والذي نفسي بيده انه لفي الفردوس لاعلى ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء من ماء فغمس يده فيه ومضمض فاه ثم ناوله أم حارثة فشربت ثم ناولت ابنتها فشربت ثم أمرهما ينضحان في جيوبهما ففعلتا فرجعتا من عند النبي صلى الله عليه وسلم وما بالمدينة امرأتان أقر عينا منهما ولا أسر
(٤٠٤)