ومكث بنو هاشم في الشعب ثلاث سنين وقيل سنتين في أشد ما يكون من البلاء وضيق العيش وولد عبد الله بن عباس في الشعب فمن قريش من سره ذلك ومنهم من ساءه وقالوا انظروا ما أصاب كاتب الصحيفة أي من شلل يده كما تقدم وصار لا يقدر أحد أن يوصل إليهم طعاما ولا أدما حتى أن أبا جهل لقى حكيم بن حزام ومعه غلام يحمل قمحا يريد عمته خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهى معه في الشعب فتعلق به وقال أتذهب بالطعام إلى بني هاشم والله لا تذهب أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة فقال له أبو البختري بن هشام مالك وماله فقال أبو جهل انما يحمل الطعام لبنى هاشم فقال أبو البحتري طعام كان لعمته عنده أفتمنعه أن يأتيها خل سبيل الرجل فأبى أبو جهل حتى نال أحدهما من صاحبه فأخذ أبو البحتري لحى بعير أي العظم الذي تنبت عليه الأسنان فضربه فشجه ووطئه وطئا شديدا وأبو البحتري بالحاء المهملة وفى مختصر أسد الغابة بالخاء المعجمة ممن قتل ببدر كافرا وحتى ان هاشم بن عمرو بن الحارث العامري رضى الله تعالى عنه فإنه أسلم بعد ذلك أدخل عليهم في ليلة ثلاثة أجمال طعاما فعلمت بذلك قريش فمشوا اليه حين أصبح وكلموه في ذلك فقال إني غير عائد لشئ خالفكم ثم أدخل عليه ثانيا جملا وقيل جملين فعلمت به قريش فغالظته أي أغلظت له القول وهمت به فقال أبو سفيان بن حرب دعوه وصل رحمه أما انى أحلف بالله لو فعلنا مثل ما فعل كان أحسن بنا وكان أبو طالب في كل ليلة يأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي فراشه ويضطجع به فإذا نام الناس أقامه وأمر أحد بنيه أو غيرهم أي من اخوته أو بنى عمه ان يضطجع مكانه خوفا عليه أن يغتاله أحد ممن يريد به السوء أي وفى الشعب ولد عبد الله بن عباس رضى الله تعالى عنهما ثم أطلع الله رسوله صلى الله عليه وسلم على أن الأرضة أي وهى سوسة تأكل الخشب إذا مضى عليها سنة نبت لها جناحان تطير بهما وهى التي دلت الجن على موت سليمان على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام أكلت ما في الصحيفة من ميثاق وعهد أي الالفاظ المتضمنة للظلم وقطيعة الرحم ولم تدع فيها اسما لله تعالى الا أثبتته فيها وفى رواية ولم تترك الأرضة في الصحيفة اسما لله عز وجل الا لحسته وبقى ما فيها من شرك أو ظلم أو قطيعة رحم أي والرواية الأولى أثبت من الثانية قال وجمع بين الروايتين بأنهم كتبوا نسخا فأكلت الأرضة من بعض النسخ اسم
(٣٤)