ولم يصافحه وجاء لا تديمو النظر للمجذومين وسيأتي الجواب عنه بما يحصل به الجمع بينه وبين ما جاء أنه أخذ بيد مجذوم فوضعها معه في القصعة وقال كل بسم الله عز وجل وتوكلا عليه وبنوا لهب بكسر اللام وسكون الهاء حي من الأزد أعلم الناس بالزجر أي زجر الطير والتفاؤل بها وبغيرها فقد كان في الجاهلية إذا أراد الشخص أن يخرج لحاجة جاء إلى الطير وأزعجها عن أوكارها فإن مر الطائر على اليمين سمى سانحا واستبشر مريد الحاجة بقضائها وإن مر على اليسار سمى بارحا بالموحدة والراء والحاء المهملة وقعد مريد الحاجة عنها تفاؤلا بعدم قضائها أي وهذا ما فسر به إمامنا الشافعي الحديث الآتي أقروا الطير في مكامنها فعن سفيان بن عينية قال قلت للشافعي رضي الله تعالى عنه يا أبا عبد الله ما معنى هذا الحديث فقال علم العرب كان في زجر الطير كان الرجل منهم إذ أراد سفرا جاء إلى الطير في مكامنها فطيرها الحديث ويحكى عن وائل بن حجر وكان زاجرا حسن الزجر أنه خرج يوما من عند زياد بالكوفة وهو الذي ألحقه معاوية بأبيه أبي سفيان وهو والد عبيد الله بن زياد الذي قاتل الحسين وكان أميرها المغيرة بن شعبة فرأى غرابا ينغق بالغين المعجمة أي يصيح فرجع إلى زياد وقال له هذا غراب برحلك من ههنا إلى خير فقدم رسول معاوية إلى زياد من يومه بولاية البصرة وقد ذكر أن أبا ذؤيب الهذلي الشاعر كان مسلما على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يجتمع به قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليل ولما كان وقت السحر هتف بي هاتف وأنا نائم وهو يقول * قبض النبي محمد فعيوننا * تذري الدموع عليه بالتسجام * قال فقمت من نومي فزعا فنظرت في السماء فلم أر إلا سعد الذابح فتفاءلت به وعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض فركبت ناقتي وحثتها حتى إذا كنت بالغابة زجرت الطير فأخبرني بوفاته صلى الله عليه وسلم فلما قدمت المدينة فإذا فيها ضجيج بالبكاء كضجيج الحاج فسألت فقيل لي قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى وقد خلا به أهله وأبو هذيل هذا هو القائل * أمن المنون وريبة تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع *
(٩٠)