السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ٧٩
أنه كان يكلم أمه إذا خلت عن الناس ويسبح الله ويذكره إذا كانت مع الناس وهي تسمع وعن شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه قال بينا نحن جلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أقبل شيخ كبير من بني عامر هو مدرة قومه أي المقدم فيهم يتوكأ على عصا فمثل بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه إلى جده فقال يا ابن عبد المطلب إني أنبئت أنك تزعم أنك رسول الله إلى الناس أرسلك بما أرسل به إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم من الأنبياء إلا أنك فهت بعظيم وإنما كان الأنبياء والخلفاء أي معظمهم في بيتين من بني إسرائيل وأنت ممن يعبد هذه الحجارة والأوثان فمالك وللنبوة ولكن لكل حق حقيقة فأنبئني بحقيقة قولك وبدء شأنك قال فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم بمسألته ثم قال يا أخا بني عامر إن لهذا الحديث الذي سألتني عنه نبأ ومجلسا فاجلس فثنى رجليله ثم برك كما يبرك البعير فأستقبله النبي صلى الله عليه وسلم بالحديث فقال يا أخا بني عامر إن حقيقة قولي وبدء شأني أني دعوة أبي إبراهيم عليه السلام أي حيث قال * (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم) * أي وعند ذلك قيل له قد استجيب لك وهو كائن في آخر الزمان كذا في تفسير أبن جرير قال في ينبوع الحياة أجمعوا على أن الرسول المذكور ههنا هو محمد صلى الله عليه وسلم أقول وفيه أن جبريل عليه السلام أعلم إبراهيم عليه السلام قبل ذلك بأنه يوجد نبي من العرب من ذرية ولده إسماعيل فقد جاء أن إبراهيم لما أمر بإخراج هاجر أم ولده إسماعيل عليه السلام حمل هو وهي وولدها على البراق فلما أتى مكة قال له جبريل أنزل فقال حيث لا زرع ولا ضرع قال نعم ههنا يخرج النبي الأمي من ذرية ولدك يعنى إسماعيل عليه السلام الذي تتم به الكلمة العليا إلا أن يقال الغرض من دعائه صلى الله عليه وسلم بذلك تحقيق حصوله وتقدم أن أم إسماعيل قالت لإبراهيم ما قاله لجبريل والله أعلم ثم قال وبشرى أخي عيسى وفي رواية إن آخر من بشر بي عيسى عليه السلام أي آخر نبي بشر بي من الأنبياء عيسى بدليل الرواية الأخرى وكان آخر من بشر بي عيسى لأن الأنبياء بشرت به قومها وإلى ذلك يشير صاحب الهمزية بقوله
(٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 ... » »»