السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٠١
فعن عائشة رضي الله تعالى عنها أدركت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان الناس وأورد على هذا أن الحجاج خرب الكعبة بضرب المنجنيق ولم يصبه شيء ويجاب بأن الحجاج لم يجيء لهدم الكعبة ولا لتخربها ولم يقصد ذلك وإنما قصد التضييق على عبد الله بن الزبير رضي الله تعالى عنهما ليسلم نفسه وهذا أولى من جواب المواهب كما لا يخفى والله أعلم وكان مولده صلى الله عليه وسلم بمكة في الدار التي صارت تدعى لمحمد بن يوسف أخي الحجاج أي وكانت قبل ذلك لعقيل بن أبي طالب ولم تزل بيد أولاده بعد وفاته إلى أن باعوها لمحمد بن يوسف أخي الحجاج بمائة ألف دينار قاله الفاكهي أي فأدخلها في داره وسماها البيضاء أي لأنها بنيت بالجص ثم طليت به فكانت كلها بيضاء وصارت تعرف بدار ابن يوسف لكن سيأتي في فتح مكة أنه قيل له صلى الله عليه وسلم يا رسول الله تنزل في الدور قال هل ترك لنا عقيل من رباع أو دور فإن هذا السياق يدل على أن عقيلا باع تلك الدار فلم يبق بيده ولا بيد أولاده بعده إلا أن يقال المراد باع ما عدا هذه الدار التي هي مولده صلى الله عليه وسلم أي لأنه كما سيأتي في الفتح باع دار أبيه أبي طالب لأنه وطالبا أخاه ورثا أبا طالب لأنهما كانا كافرين عند موت أبي طالب دون جعفر وعلي رضي الله تعالى عنهما فإنهما كانا مسلمين وعقيل أسلم بعد دون طالب فإن طالبا اختطفته الجن ولم يعلم به وإن عقيلا باع دار رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي دار خديجة أي التي يقال لها مولد فاطمة رضي الله تعالى عنها وهي الآن مسجد يصلى فيه بناه معاوية رضي الله تعالى عنه أيام خلافته قيل وهو أفضل موضع بمكة بعد المسجد الحرام أي واشتهر بمولد فاطمة رضي الله تعالى عنها لشرفها وإلا فهو مولد بقية إخوتها من خديجة ولعل معاوية رضي الله تعالى عنه اشترى تلك الدار ممن اشتراها من عقيل ويدل لما قلناه قول بعضهم لم يتعرض صلى الله عليه وسلم عند فتح مكة لتلك الدار التي أبقاها في يد عقيل أي التي هي دار خديجة فإنه لم يزل بها صلى الله عليه وسلم حتى هاجر فأخذها عقيل وفي كلام بعضهم لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة ضرب مخيمه بالحجون
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 ... » »»