قال وروى ابن سعد أنه صلى الله عليه وسلم لما ولد وقع على يديه رافعا رأسه إلى السماء وفي رواية وقع على كفيه وركتبيه شاخصا ببصره إلى السماء أقول وفي رواية وقع جاثيا على ركبتيه ولا يخالف هذا ما سبق من أنها نظرت إليه فإذا هو ساجد لجواز أن يكون سجوده بعد رفع رأسه وشخوص بصره إلى السماء ولا مخالفة بين كونه وقع على الأرض مقبوضة أصابع يده ووقوعه على كفيه لجواز أن يكون قبض أصابعه ما عدا السبابة بعد ذلك ولا ينافيه قوله مقبوضة المنصوب على الحال لقرب زمنها من الوقوع على الأرض والاقتصار على الركبتين لا ينافي الجمع بينهما وبين الكفين ورأيت في كلام بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم ولد واضعا إحدى يديه على عينيه والأخرى على سوءتيه فليتأمل والله أعلم وإلى رفع رأسه صلى الله عليه وسلم وشخوص بصره إلى السماء يشير صاحب الهمزية بقوله * رافعا رأسه وفي ذلك الرف * ع إلى كل سؤدد إيماء * رامقا طرفه السماء ومرمى * عين من شأنه العلو العلاء * أي وضعته حال كونه رافعا رأسه إلى السماء وفي ذلك الرفع الذي هو أول فعل وقع منه بعد بروزه صلى الله عليه وسلم إلى هذا العالم إشارة إلى حصول كل رفعة وسيادة ووضعته حالة كونه رامقا ببصره إلى السماء وسر ذلك الإشارة إلى علو مرماه إذ مرمى عين الذي قصده ارتفاع مكانه الرفعة والشرف قال وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم قبض قبضة من تراب وأهوى ساجدا فبلغ ذلك رجلا من بني لهب فقال لصاحبه لئن صدق هذا الفأل ليغلبن هذا المولود أهل الأرض أي لأنه قبض علهيا وصارت في يده والفأل بالهمز وبدونه يقال فيما يسر والنطير فيما يسوء فالفأل ضد الطيرة بكسر الطاء وقد جاء إني أتفاءل ولا أتطير وقيل له صلى الله عليه وسلم ما الفأل قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم وقال صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ويعجبني الفأل الكلمة الحسنة والكلمة الطيبة وفي رواية وأحب الفأل الصالح وفرق بعضهم بين الفأل والتفاؤل بأن الأول يكون في سماع الآدميين والثاني يكون في الطير بأسمائها وأصواتها وممرها وقوله لا عدوى معارض لما جاء أنه كان في وفد ثقيف رجل مجذوم فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم إنا قد بايعناك فارجع فرجع
(٨٩)