أقول وقد يجمع بأنه يجوز أن يكون ولد مختونا غير تام الختان كما هو الغالب في ذلك فتمم جده ختانه لكن ينازع فيه ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم من كرامتي على ربي أني ولدت مختونا ولم ير أحد سوأتي أي لأجل الختان كما هو الظاهر إن صح كما قدمنا وفي كلام بعضهم أن عيسى عليه الصلاة والسلام ختن بآلة وعلى صحته يجمع بنحو ما تقدم والظاهر أن المراد بالآلة التي ختن بها عيسى والتي ختن بها صلى الله عليه وسلم بناء على أن جده ختنه كانت بالآلة المعروفة التي هي الموسى وإلا لنقلت لأن ذلك مما تتوفر الدواعي على نقله لا يقال عدم وجود القلفة نقص من أصل الخلقة الإنسانية فقد قالوا في حكمة وجود العلقة السوداء التي هي حظ الشيطان فيه ولم يخلق بدونها بل خلق بها تكملة للخلق الإنساني لأنا نقول إنما لم يخلق بتلك القلفة ليحصل كمال الخلقة الإنسانية لأن هذه القلفة لما كانت تزال ولا بد من كل أحد مع ما يلزم على إزالتها من كشف العورة كان نقص الخلقة الإنسانية عنها عين الكمال بخلاف العلقة السوداء وكره الحسن أن يختن الولد يوم السابع لأن فيه تشبيها باليهود أي لأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام لما ختن ولده إسحق عليه الصلاة والسلام يوم سابع ولادته اتخذه بنو إسرائيل في ذلك اليوم سنة وختن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام لثلاث عشرة سنة قال أبو العباس ابن تيمية فصار ختان إسماعيل عليه الصلاة والسلام أي في ذلك الوقت سنة في ولده يعنى العرب ويؤيده قول ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كانوا لا يختنون الغلام حتى يدرك أي لأن الثلاثة عشر هي مظنة الإدراك ومن ثم لما سئل ابن عباس عن سنه حين قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنا يومئذ مختون أي في أوائل زمن الختان والله أعلم ولما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع على الأرض مقبوضة أصابع يده يشير بالسبابة كالمسبح بها أقول وفي رواية عن أمه أنها قالت لما خرج من بطني نظرت إليه فإذا هو ساجد قد رفع إصبعيه كالمتضرع المبتهل ولا مخالفة لجواز أن يراد بأصبعيه السبابتان من اليدين والله أعلم وفي سجوده إشارة إلى أن مبدأ أمره على القرب من الحضرة الإلهية
(٨٨)