السيرة الحلبية - الحلبي - ج ١ - الصفحة ١٠٠
فذكر له أمرها فبعث إليها عامله على اليمن فخر بها وأخذ خشبها المرصع بالذهب والآلات المفضضة التي تساوي قناطير من الذهب فحصل له منها مال عظيم وحينئذ عفا رسمها وانقطع خبرها واندرست آثارها وقد كان عبد المطلب أمر قريشا أن تخرج من مكة وتكون في رؤوس الجبال خوفا عليهم من المعرة وخرج هو وإياهم إلى ذلك بعد أن أخذ بحلقة باب الكعبة ومعه نفر من قريش يدعون الله سبحانه وتعالى ويستنصرونه على أبرهة وجنده وقال * لاهم إن العبد يح * مى رحله فامنع حلالك * لا يغلبن صليبهم * ومحالهم غدوا محالك * أي فإنهم كانوا نصارى ولا هم أصله اللهم فإن العرب تحذف الألف واللام وتكتفي بما يبقى وكذلك تقول لاه أبوك تريد لله أبوك والحلال بكسر الحاء المهملة جمع حلة وهي البيوت المجتمعة والمحال بكسر الميم القوة والشدة والغدو بالغين المعجمة أصله الغد وهو اليوم الذي يأتي بعد يومك الذي أنت فيه ويقال إن عبد المطلب جمع قومه وعقد راية وعسكر بمنى وجمع ابن ظفر بينه وبين ما تقدم من أنه خرج مع قومه إلى رؤوس الجبال بأنه يحتمل أنه أمر أن تكون الذرية في رؤوس الجبال أي وخرج معهم تأنيسا لهم ثم رجع وجمع إليه المقاتلة أي ويؤيد ذلك قول المواهب ثم إن أبرهة أمر رجلا من قومه يهزم الجيش فلما وصل مكة ونظر إلى وجه عبد المطلب خضع إلى آخر ما تقدم فإسقاط المواهب كون قريش جيشت جيشا مع قومه ثم إن أبرهة أرسل رجلا من قومه ليهزم الجيش لا يحسن ثم ركب عبد المطلب لما استبطأ مجىء القوم إلى مكة ينظر ما الخبر فوجدهم قد هلكوا أي غالبهم وذهب غالب من بقي فاحتمل ما شاء من صفراء وبيضاء ثم آذن أي أعلم أهل مكة بهلاك القوم فخرجوا فانتبهوا وفي كلام سبط ابن الجوزي وسبب غنى عثمان بن عفان أن أباه عفان وعبد المطلب وأبا مسعود الثقفي لما هلك أبرهة وقومه كانوا أول من نزل مخيم الحبشة فأخذوا من أموال أبرهة وأصحابه شيئا كثيرا ودفنوه عن قريش فكانوا أغنى قريش وأكثرهم مالا ولما مات عفان ورثه عثمان رضي الله تعالى عنه أي ومن جملة من سلم من قوم أبرهة ولم يذهب بل بقي بمكة سائس الفيل وقائده
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»