سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٧٢
عن السلام فلما نظرته أخته من بين المأسورات بكت واشتكت وتنهدت وقالت يا أخي تنساني في مثل هذا الوقت فتتركني مطروحة بين الأسارى وما عرفت منك الجفاء منذ حياتي فعرفني يا أخي ما أنت عليه حتى اتبعك ولو كان فيه ذهاب روحي (قال الراوي) فلما سمع ناقد كلام أخته عليا سبقته العبرات فبكى وقال لها يا أختي ان شئت يا بنت أمي وأبي ان تسريني باسلامك وتقري بالوحدانية ولمحمد صلى الله عليه وسلم بالرسالة وان أبيت فهذا فراق بيني وبينك فلما سمعت عليا مقالة أخيها قالت يا أخي وقرة عيني اني كرهت مفارقتك وانا مسرورة بطاعتك وانني قائلة بمقالتك ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فعانقها ناقد وضمها إلى صدره وفرح باسلامها ثم عرض الاسلام على النساء التي معها فأسلمت ففرح ناقد فرحا شديدا ثم مضى إلى علي وأخبره بذلك ففرح باسلامهن وأقرهم الجميع في منازلهم واجتمعوا على الاسلام بعد الاجتماع على الكفر وفرحوا فرحا شديدا ما عليه من مزيد ثم إن علي ضم الغنائم إلى الحصن وامر علي على الحصن أميرا وأوصاهم بحفظه وحفظ أنفسهم إلى أن يأتيهم ثم ارسل رجلا ينظر خبر الجيش الآتي مع ابن الملك الهضام فسار الرجل غير بعيد ثم رجع إلى علي رضي الله عنه وأخبره ان القوم وابن الملك قد اتوا إليه وزحفوا عليه وهو في عشرة آلاف فارس ليوث عوابس قد انتخبهم من مائة الف فارس فقال علي نلقاهم قبل ان يلقونا فان ذلك أهيب لنا والله المعين ينصر من يشاء من عباده ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ثم ارتحل من وقته وساعته وسار بعد أن بغله الله ما أمله ثم سار بالقوم مؤيدا منصورا فما بعد عن الحصون غير ميل واحد أو أزيد حتى لاح له غبار قد سد الأقطار فالتفت الامام إلى أصحابه وقال لهم يا قوم اني أرى عاكرا ولا شك انه غبار القوم واني أرى ان نكشف عنهم الاخبار فما أنتم قائلون فقال ناقد يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الماء من وراءك والذي أراه من الرأي ان ترجع بالقوم إلى المكان الذي كنا فيه غير فرار ولا جزع فتكون من ذلك على حالتين إحداهما كثير الماء وسعة الفضاء والثانية تجمع الرجال والأثقال وجميع ما معك وتدخله الحصن وتخرج للقائهم
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»