سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٤٤
صف لي هذا الغلام المذكور في الأرض فقال جميل أيها الملك ان التكفر أقبح بالعبد الدنئ فكيف بالسيد فان أحببت ان أصف لك فلي عليك شرطان أحدهما ان وصفته لك فلا يكبر على الملك فيقتلني بغير ذنب وأنت اغنى الناس عن ذلك والثاني أخاف ان أصفه لك شانه العظيم فيباع غيره فأكون كذابا وانا الان أسألك أيها الملك ان لا تسألني عن هذا السؤال فاني لا قدرة لي عليه فقال الملك ان قلت ما فيه على الحق فلا خوف عليك ان كنت صادقا فقال جميل أيها الملك انه غلام موصوف بالشجاعة معروف بالبراعة أخف من البرق إذا لمع وأسرع من الفهد إذا وثب حسن اليقين (قال الراوي) فلما فرغ جميل من كلامه تبسم الهضام ضاحكا وقال وحق زاجرات المنيع لقد وصفت صاحبك وأحسنت في وصفه فدع عنك هذا الكلام واقتصر على وصف هذا الغلام واعمل في خلاص نفسك قبل حلولك في رمسك وقل لا ي شئ اتبعت محمدا وأمنت به فقال جميل على أن ينقذني من النار ويدخلني الجنة التي هي دار القرار فقال الهضام ومتى يكون هذا الامر فقال جميل إذا قامت القيامة وقامت الخلائق من التراب إلى الاجتماع في دار الحساب فقال الهضام قد أخبركم صاحبكم محمد انكم تموتون وتصيرون رفاتا ويختلط اللحم هذا باللحم والعظم هذا بالعظم وتمضي عليكم الدهور والأعوام ثم تعودون بأجساد وارواح ثم يكون بعد ذلك حساب وعقاب وجنة ونار فقال لهم نعم قال له والى أين هذه النار وهذه الجنة قال شئ لا يفنى ولا ينقضي فعجل يا ويلك بالعاجل ودع الاجل (قال الراوي) ثم التفت اللعين إلى بعض أولاده وكان اسمه ناقد وقال له قم يا بني اكشف له عن الجنة والنار وخيره بين الدارين فاختار المقام في دار النعيم فدعه يأكل من فواكهها وثمارها ثم اخذ ناقدا جميل وذهب به إلى الجنة وقد رأى جميع ما فيها ثم قال ناقد اتبعني حتى اكشف لك عن دار هي أحسن من هذه ثم أخرجه وعمد به إلى النار وقد كان ارسل إلى العبيد الموكلين بها الذين سموهم الزبانية فأمرهم باضرامها وتفويتها فلما ان قرب منها ناقد وجميل قربة واطلعه في درج عالي مبني من الرخام الملون حتى انتهى إلى أعلى الدرج فقال ناقد لجميل أتختار اي
(٤٤)
مفاتيح البحث: الخوف (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»