أخبر الوزير بقدوم ذلك القاصد فأخبر الملك بذلك فقال أيها الملك انه اتاك اليوم قاصد يذكر انه من عند محمد صاحب يثرب وابن عمه علي بن أبي طالب واستأذن في الدخول عليك والوصول إليك فأوقفه الحاجب وأخبرني بخبره وها انا أخبرتك (قال الراوي) فلما سمع الملك الهضام بذلك عظم عليه وقال أو قد ذكرني محمد مع ذكر وعرض لي مثل ما عرض لغيري أيظن اني كغيري من العرب وان الهي كسائر الالهة ثم امر ببساط مجلسه فبسط وستوره علقت وبعث أكابر قومه فأقامهم حوله بالسلاح والنشاب وبأيديهم العمد والحرب ولبس الملك تاجه الملع باليواقيت والجواهر وأظهر نعمته وأقام ترجمانه بين يديه لأجل ما يباع الكلام إلى القاصد ثم امر باحضار قاصد رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه فتبادرت غلمانه وحجابه إلى جميل من كثير فاتوا به أسرع من تكلم ثم دخلوا به إلى أن وقف بين يديه فلما نظر جميل إلى مملكته وسلطانه وحجابه وغلمانه وتاجه الذي على رأسه يواقيته والقوم محدقون به التجم عن الكلام وتبلد عن السلام فغضب الملك لذلك وعرف الغضب في وجهه فاضطرب القوم لذلك وماج بعضهم ورفعوا العمد والسيوف وتوقوا خطاب الملك لكي يبادرهم بسوء فنظر الترجمان إلى ذلك وكان صاحب عقل وأدب وفضل فقال للملك اعلم أيها الملك ان هيبة المملكة ومرتبة السلطنة تلجم الناظر عن الكلام عن مقالته في النظم حتى تدهشه عن السلام (قال الراوي) فذهب عن الملك ما كان قال به ثم قال الترجمان بجميل ان الملك يقول لك ويلك من أنت ومن أين أقبلت والى من قصدك ورسول من أنت قال جميل ابن كثير انا رسول صاحب يثرب محمد ابن عبد الله بن عبد المطلب وقد حملني هذا الكتاب وأرسلته إليك لا طلب الجواب ولا طلب شرا ولا ضرا وقد فتقدم إليه جميل وناوله الكتاب ففكه وقرأه وفهم مضمونه ومعناه وقهقه حتى كاد ان يقع على قفاه (قال الراوي) ثم التفت الهضام إلى جميل قال ويلك
(٤٣)