سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٤٦
الناس رؤوسهم فلما فرغ تمسح القوم به تبركا وهنوه على ذلك وقبلوا يديه وكذلك ما قد ولم يزلوا من حوله محدقين إلى أن أوصلوه الجنة التي يزعمونها فلما دخلها استقبله صاحبته الطاغية بكأس من خمر قالت له خذ هذا الكاس فهو تمام الفرح وزوال العمر ولم يبق بعد يومنا هذا ولا نصب فتناول الكاس من يدها وتجرعه وأبعده الله تعالى عن بابه وطرده عن نبيه ونام مع صاحبته وكفر بالله العظيم ثم إن ناقدا اتى إلى أبيه وأخبره بذلك ففرح الهضام فرحا شديدا وقال وحق المنيع لو وصل إلينا علي بن أبي طالب لفعلنا به مثل هذا وكان نصير إلى ما صار إليه صاحبه وينسى ابن عمه وهل يرى هذا العميم والعيش السليم ويتباعد عنه وما زال الملك في كفره وطغيانه قال فلم يمض الا يومان أو ثلاثة بعد امر جميل والقوم في لهوهم وسرورهم والسدنة من حول الصنم قد هجع القوم في بعض الليالي إذ صرخ الصنم صرخة عظيمة فازدحم على الأبواب وقام الملك من على سريره وأولاده حواليه فقال الملك لولده الأصغر وكان اسمه غنام انظر يا بني المنيظع ولا شك انه وقع بنا امر فانظر ما هذا الخبر فمضى غنام ورجع وهو طائش العقل فقال يا أبت انه صراخ المنيع ولا شك انه وقع امر فركب الملك من وقته وركب أولاده من حواليه وسار بهم الملك حتى دخل الصنم بعد سكوته فلما دخل عليه الملك صاح واضطرب ونطق الشيطان من جوفه ينشد ويقول قد حل في ساحتكم بطل ورمى شجعانكم كلا بالخيل هذا على قريب قد وصل فادهموه بالسيوف والنبل ثم اقطعوا منه بعزمكم الامل فهو لكم وفي يديكم قد حصل (قال الراوي) وكانت هتفة الصنم قبل ان يصل الامام إلى حصن الوجيه حين قتل المغضب وخلص السائقة وردها وتعوق بعد ذاك حتى فتح الحصن فلما سمع الملك من صنمه هذا الكلام قال يا الهي ويا سيدي لا وقفته بين يديك ذليلا ثم إن الملك التفت إلى ولده ناقد وكان أكبر أولاده فقال له يا ناقد اسجد لإلهك فإنك لعدوه قاصد وله قائد وعن قريب تأتي به حقيرا ذليلا فخر ناقد ساجد للصنم فسمع عنده ضاحكا واستبشار وفرحا وسرورا امن الصنم يا ناقد ارفع امرك وأسرع بالاستعجال وجمع الابطال وتأتي به في القيد والا غلال منسكا في
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»