سيرة الإمام علي (ع) - أحمد بن محمد البكري - الصفحة ٣٩
لا يصلح الا لمبارزة كسرى وقيصر (قال الراوي) فلما اختلط الظلام نظر الامام إلى جهة القوم وإذا هو برجل خارج من جيش المنتقم مسرعا إلى جهة الحصن فظن أنه رسول فلصق حذق وتأمل فإذا هو باخر قد خرج من ورائه واخر في اثره وهم ينسلون واحدا بعد واحد هربا الحصن فلما رأى ذلك الامام علم أنهم عزموا على الهروب من الحصن فاخذ سيفه وجحفته وجعل يزحف على بطنه كالحية على وجه الأرض إلى أن وصل إلى جانب النهر وجمع نفسه ووثب فعندي النهر ولم يعد عليهم بل عدل عنهم أسرع إلى جهة الحصن يريد الوصول إليه قبل ان يصل إليه أحد منهم فما زال الامام يسرع في سيره فلم يكن الا أقل من ساعة حتى وصل إلى الحصن ولم يصل إليه أحد قبله فنظر إلى أعلاه فرأى العبيد على أعلى السور وقد رفضوا الرقاد وأداموا على السهر بكليتهم وقد جعلوا العذار في مرضاة الملك فلما نظر أسرع جماعة منهم وهموا ان يرموه بالأحجار فنادى الامام لا ترموا بأحجار وافتحوا إلي الباب شكر الله سعيكم وأمنكم من عدوكم فعرف القوم صوته ففتحوا له الباب وفرحوا به فرحا شديدا وكانوا قد آسوا منه وقالوا يا سيدنا أقلقنا بابطائك وكثر خوفنا عليك ونوينا ان القتال إلى أن نقتل عن آخرنا في مرضاة ربنا فجزاهم الامام خيرا ثم قالوا فما كان خبرك حتى أبطأت علينا فقال ما يكون الا الخير والسلامة وفي هذه الليلة إن شاء الله يظهر لكم تمام الكرامة ثم قال لهم الامام اخرجوا بأجمعكم خارج الباب ولا تمنعوا أحدا من الدخول وانا أبلغكم منكم المأمول فقال جنبل بن ركيع يا سيدي وما الذي عزمت عليه قال إن اضرب أرقابهم فذهل القوم من كلام الامام وخرجوا بأجمعهم إلى خارج الحصن فلم تكن الا ساعة وإذا بالقوم مقبلين وفي أوائلهم ذؤيب بن ياسر الباهلي فقال له جنبل ما وراءك يا ذؤيب فقال لا تسألني عن الموت الفاصل ثم هم ودخل في الحصن والامام يسمع كلامه ثم ضربه ضربة قسمه نصفين ثم سكت وأخفى خسه فبينما هو كذلك إذ دخل اخر فقاربه الامام وضربه ففلق رأسه عن جسمه (قال الراوي) فبينما هو كذلك إذ دخل آخر فقاربه الامام وضربه فأزال رأسه عن
(٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 ... » »»